القدس المحتلة - ناصر الأسعد
أوعز رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، بصفته وزيرًا للخارجية أيضا، للسفراء الإسرائيليين لدى الاتحاد الأوروبي، في برقيات عاجلة، ببدء سلسلة لقاءات على أعلى المستويات مع مسؤولي الاتحاد الأوروبي لمنع مبادرة فرنسية بلجيكية أعدها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البلجيكي، شارل ميشيل، لعرضها على الاتحاد الأوروبي الجمعة، تشكل ردا على إعلان الرئيس الأميركي القدس عاصمة لإسرائيل، وتنص على اعتبار القدس عاصمة لدولتين إسرائيلية وفلسطينية وتدعو إسرائيل إلى وقف البناء الاستيطاني وتغيير الواقع على الأرض.
اللافت أن هذا التوجه الأوروبي يأتي بعد أربعة أيام على لقاء نتنياهو في بروكسل مع 22 وزير خارجية من الاتحاد الأوروبي ولقائه ماكرون في باريس، حيث أكد الرئيس الفرنسي رفضه إعلان ترمب واعتبره يهدد عملية السلام، فيما رد نتنياهو بأن إعلان ترمب يخدم التسوية، وكلما اعترف الفلسطينيون بواقع القدس كان ذلك أفضل للسلام. وأضاف "أن القدس عاصمة إسرائيل تماماً كما أن باريس عاصمة فرنسا".
وبحسب مصادر إسرائيلية حسنة الاطلاع فإن ماكرون أبلغ نتنياهو أيضا أنه تحدث مرات مع ترمب، وأكد له أنه سيطرح مبادرة سلام لا تشبه ما طرح حتى الآن، وستحدث زلزالا في الوضع القائم، لكنه لم يوفر تفاصيل بشأنها.
والمسعى الإسرائيلي الآن هو إقناع دولة أوروبية أو أكثر بمعارضة المبادرة الفرنسية_البلجيكية لإجهاضها، علماً أن أي قرار في الاتحاد الأوروبي يجب أن يحظى بإجماع 28 رئيس دولة وكل دولة تملك حق النقض الفيتو. وهو ما حدث قبل أسبوع عندما أرادت مسؤولة العلاقات الدولية في الاتحاد، فيدريكا موغريني، إصدار قرار أوروبي موحد ضد قرار ترامب، لكن وزير خارجية المجر أعلن معارضته واستخدم الفيتو ما اضطرها إلى إعلان بيان شخصي باسمها فقط.
وفي حال صدر قرار أوروبي ضد قرار ترمب فإنه سيزيد من عزلة الموقفين الأميركي والإسرائيلي من القدس، بعد تبلور إجماع عربي وإسلامي ودولي ضده، كان آخره بيان مؤتمر قمة مجلس التعاون الإسلامي في اسطنبول التي لوح خلالها الرئيس الفلسطيني بحل السلطة الفلسطينية وإلغاء اتفاقات أوسلو ليتحمل الاحتلال المسؤولية كاملة على ملايين الفلسطينيين والتوجه إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار ضد إعلان ترمب إلى جانب السعي لاستصدار قرار يرفع فلسطين من مكانة دولة مراقب في الأمم المتحدة إلى دولة كاملة العضوية واقعة تحت الاحتلال، إلى جانب اعتبار واشنطن غير مؤهلة لرعاية عملية السلام أو لعب دور وساطة فيها.
ومن المنتظر أن يصل نائب الرئيس الأميركي إلى إسرائيل وسط مقاطعة فلسطينية، وقد أجل وصوله حتى الأربعاء المقبل، لكنه سيلقي خطابا في الكنيست الإسرائيلي ويشارك في احتفال ديني يهودي عند حائط البراق ( المبكى) خلال الزيارة، علماً أنه من يقف خلف إقناع ترمب بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية.
وما يقلق إسرائيل أيضاً هو الوضع الميداني في الأراضي الفلسطينية والقدس المحتلة التي تشهد مواجهات مع الاحتلال واحتجاجات فلسطينية شعبية، والأخطر من ذلك هي سخونة جبهة غزة، حيث تحول تبادل القصف بالصواريخ الفلسطينية والغارات الإسرائيلية إلى مشهد يومي من شأنه إن استمر أن يقرّب ساعة الصفر للحرب المقبلة على قطاع غزة.
أرسل تعليقك