أثار الاعلان السعودي الرسمي بشأن وفاه الصحافي جمال خاشقجي، اهتمام الكثيرين، بخاصة وأن الرواية لم تخرُج إلى النور دفعة واحدة، لكنها خرجت على أجزاء يمكن تجميعها للحصول على صورة كاملة لتلك الرواية، وهو ما رصدته وكالة "سبوتنك" الروسية.
وتُقدِّم "فلسطين اليوم" لقارئه التسلسل الزمني للروايه الرسمية السعودية:
بدأت القصة في الساعة الـ12:52 دقيقة بعد منتصف ليل الجمعة 19 أكتوبر/ تشرين الأول بتوقيت الرياض، عندما بثت وكالة الأنباء الرسمية السعودية خبرًا يقول "إن التحقيقات الأولية التي أجرتها النيابة العامة في موضوع اختفاء المواطن جمال بن أحمد خاشقجي أظهرت أن المناقشات التي تمت بينه وبين الأشخاص الذين قابلوه أثناء تواجده في قنصلية المملكة في إسطنبول أدت إلى حدوث شجار واشتباك بالأيدي مع خاشقجي مما أدى إلى وفاته".
وأضاف خبر وكالة الأنباء السعودية أن "النيابة العامة السعودية أكدت أن تحقيقاتها في هذه القضية مستمرة مع "موقوفين" على ذمة القضية والبالغ عددهم حتى الآن 18 شخصًا جميعهم من الجنسية السعودية، تمهيدًا للوصول إلى الحقائق كافة وإعلانها، ومحاسبة جميع المتورطين في هذه القضية وتقديمهم للعدالة".
لم تمر دقائق حتى بثت وكالة الأنباء السعودية الرسمية خبرًا آخر في الساعة الواحدة ودقيقتين صباحا، يقول "إن التحقيقات الأولية التي أجرتها النيابة العامة أظهرت قيام المشتبه به بالتوجه إلى إسطنبول لمقابلة خاشقجي وذلك لظهور مؤشرات تدل على إمكانية عودته للبلاد".
وتابعت "واس"، "كشفت نتائج التحقيقات الأولية أن المناقشات التي تمت مع خاشقجي أثناء تواجده في قنصلية المملكة في إسطنبول من قبل المشتبه بهم لم تسر بالشكل المطلوب وتطورت بشكل سلبي أدى إلى حدوث "شجار واشتباك بالأيدي" بين بعضهم وبين خاشقجي، وتفاقم الأمر مما أدى إلى وفاته، ومحاولتهم التكتم على ما حدث والتغطية على ذلك".
ونقلت الوكالة السعودية "التزام السلطات في المملكة بإبراز الحقائق للرأي العام، ومحاسبة جميع المتورطين وتقديمهم للعدالة بإحالتهم إلى المحاكم المختصة بالمملكة العربية السعودية".
وبعد خمس دقائق وتحديدًا في الساعة الواحدة وسبع دقائق، أعلنت وكالة الأنباء الرسمية السعودية أن الملك سلمان بن عبد العزيز "وجَّه بتشكيل لجنة وزارية برئاسة ولي العهد لإعادة هيكلة رئاسة الاستخبارات العامة وتحديث نظامها ولوائحها وتحديد صلاحياتها بشكل دقيق"، فيما ظهر وكأنه تأكيد على استمرار وجود ولي العهد في الصورة على الرغم من الشبهات والاتهامات التي دارت حوله في هذه القضية، وتأكيد تمسك الملك سلمان به".
وقالت الوكالة "إنه بناء على ما رفعه الأمير محمد بن سلمان ولي العهد إلى الملك سلمان، عن "الحاجة الماسة والملحة لإعادة هيكلة رئاسة الاستخبارات العامة وتحديث نظامها ولوائحها وتحديد صلاحياتها بشكل دقيق وتقييم الإجراءات والأساليب والصلاحيات المنظمة لعملها، والتسلسل الإداري والهرمي بما يكفل حسن سير العمل وتحديد المسؤوليات، وأن المصلحة العامة تقتضي ضرورة تشكيل لجنة للقيام بذلك".
ومرت 6 دقائق أخرى ثم أعلنت "واس" عن "أمر ملكي بإعفاء أحمد عسيري نائب رئيس الاستخبارات العامة السعودي من منصبه"، وتبع ذلك الإعلان عن إنهاء خدمة الضباط: مساعد رئيس الاستخبارات العامة لشؤون الاستخبارات اللواء الطيار محمد بن صالح الرميح، ومساعد رئيس الاستخبارات العامة للموارد البشرية اللواء عبدالله بن خليفة الشايع، ومدير الإدارة العامة للأمن والحماية برئاسة الاستخبارات العامة اللواء رشاد بن حامد المحمادي.
وفي الواحدة و23 دقيقة صباحًا، صدر أمر ملكي آخر بإعفاء سعود بن عبد الله القحطاني المستشار بالديوان الملكي من منصبه، وهو الرجل الذي أثار الكثير من الجدل قبل ذلك، بتغريداته على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، وكان المسؤول عن إعداد "قائمة سوداء" بالمعارضين السعوديين المقيمين بالخارج، ومنهم جمال خاشقجي.
وفي الساعة الواحد و34 دقيقة بتوقيت الرياض، نقلت وكالة الأنباء الرسمية السعودية عن مصدر "مسؤول" بوزارة الخارجية أن "التوجيهات والقرارات التي أمر بها الملك على أثر الحدث المؤسف والأليم الذي أودى بحياة خاشقجي، والتي شملت توجيه النائب العام بالقيام بتحقيق لكشف ملابسات اختفاء خاشقجي، وما تبع ذلك من التحفظ على المشتبه بهم لاستكمال التحقيقات، وتشكيل لجنة لمراجعة الإجراءات المتبعة في هذا الشأن، وما تضمنته هذه الخطوات من إعفاءات لعدد من المسؤولين في الجهاز المعني، تأتي استمرارا لنهج الدولة في ترسيخ أسس العدل، ومحاسبة أي مقصر كائنا من كان، والتعامل مع أي تقصير أو خطأ خاصة إذا كان يمس ابنا من أبناء الوطن بشكل شامل وحازم، مهما كانت الظروف وبغض النظر عن أي اعتبارات".
وجاء في الخبر أيضا أن "هذه الإجراءات تعكس حرص القيادة على أمن وسلامة جميع أبناء هذا الوطن، كما تعكس عزمها على أن لا تقف هذه الإجراءات عند محاسبة المقصرين والمسؤولين المباشرين، لتشمل الإجراءات التصحيحية الكفيلة بمنع حصول مثل هذا الخطأ الجسيم مستقبلا".
وأضاف المصدر أن "حكومة المملكة تثمن التعاون المميز الذي أبدته حكومة تركيا الشقيقة بقيادة الرئيس رجب طيب أرودغان التي ساهمت جهودها وتعاونها بشكل هام في مسار التحقيقات بشأن مقتل جمال خاشقجي".
وعند ذلك الحد توقفت وكالة الأنباء الرسمية السعودية عن بث المزيد من الأخبار الرسمية حول الحادث، وبذلك تكون روايتها الرسمية المؤكدة والموثقة قد صدرت خلال 42 دقيقة على وجه التحديد
أرسل تعليقك