أعرب المبعوث الأممي للسلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، عن خشيته من نشوب حرب بين إسرائيل وفلسطين، لافتا إلى أن جهود مصر حالت دون نشوب تلك الحرب.
وأضاف ملادينوف، في لقاء مع "الغد"، أن الأمم المتحدة أبلغت الإدارة الأميركية أن خطة بلا مبدأ حل الدولتين لن تكون قابلة للتنفيذ، وأن الصراع اليوم ربما يكون في واحدة من أخطر مراحله لما رأيناه على مدى السنوات القليلة الماضية، أولا من زيادة التوجهات الإسرائيلية نحو الاستيلاء على الضفة الغربية، مع توسيع المستوطنات، وفي غضون بضعة أيام سابقة فقط إعلان رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو نيته ضم غور الأردن.
وأوضح ملادينوف أن "منطقة الشرق الأوسط لديها الكثير من المشاكل الأخرى في سورية واليمن وفي أماكن أخرى، وهو ما أخشاه هو ظن البعض أن الشرق الأوسط يمكنه المضي قدما من دون حل المشكلة الفلسطينية، وهذا يعطي انطباعا خاطئا"، وأشار إلى أن الناس على أرض الواقع في حالة يأس وغضب، والفلسطينيون في غزة يعيشون أوضاعا مأساوية، وكل شخص يريد أن يرى الأمل والضوء في نهاية النفق ولرؤية ذلك، فنحن بحاجة إلى إعادة خلق المعايير السياسية الأساسية لحل هذا الصراع المبنية على المفاوضات وحل الدولتين، وما أخشاه هو أنني لا أستطيع وضع تصور متفائل أو متحمس، لأن عكس ذلك قائم.
وأضاف ملادينوف أنه لا توجد عملية سلام الآن، ولا توجد مفاوضات، ومهمتنا على الأرض الآن كأمم متحدة هي العمل بشكل مكثف على الحيلولة دون تدهور الوضع، كما نعمل من أجل صيانة مبدأ حل الدولتين كأساس للحل.
وأكد "نحن بعيدون جدا عن وضع يمكن فيه للطرفين العودة إلى طاولة المفاوضات لحل قضايا الوضع النهائي، كما تم تحديدها في الماضي، بما فيها وضع وضع القدس والحدود واللاجئين، كل هذه القضايا تحتاج إلى معالجتها بشكل ثنائي على طاولة المفاوضات، وفي هذه العملية على وجه الخصوص رأينا أن الإدارة الأميركية الحالية تنتهج مقاربة مختلفة عن الإدارات السابقة، وهذا يخلق اليوم حالة من الغموض".
وكشف ملادينوف أنه يعمل مع الإدارة الأميركية بشكل كبير ومكثف، لكن مع الأسف لا نستطيع أن نؤكد أن هناك خطة للتقدم أم لا، لكنني أعتقد بأن الكل بحاجة إلى فهم أنه بالنظر إلى حساسية الموقف برمته في المنطقة، والتوتر القائم من مخاطر التصعيد في العراق وسورية واليمن ومناطق أخرى، فإننا لسنا بحاجة إلى خطة كبيرة للعمل بالنسبة إلى السلام، وإنما نحن بحاجة إلى عمل مكثف على الأرض لخلق أجواء لعودة ممكنة للمفاوضات، ونصحنا الأميركيين بأنهم إذا وضعتم خطة فيجب أن تكون متسقة مع قرارات مجلس الأمن ومع الأطر التي تمت مناقشتها في الماضي، والتي تعتمد على مبدأ حل الدولتين.
وأردف ملادينوف: "يجب أن نعي أن أي خطة يجب أن تكون واقعية قابلية وجادة، وأن نشجع الجانبين على الذهاب للطاولة، أي خطة للسلام يجب أن تتم دراستها بكل عناية، لأنه إذا قمنا بالخطوة الخاطئة الآن فإن الأمل الموجود لدى قطاع من الجانبين سيبتعد، وسنجد زيادة متطرفة في التطرف، ولا أعتقد بأن أحدا يريد ذلك والمنطقة لا يمكنها تحمل موجة أخرى من دوافع التطرف".
وتحدث ملاينوف عن ما يسمى بـ"صفقة القرن"، وقال "أبلغنا الجانب الأميركي أنه لا يمكن اعتماد صفقة لا تتضمن حل الدولتين، ولا تتوافق مع قرارات مجلس الأمن، ولا تعالج قضايا الحل النهائي"، وهذه نقاط مهمة للغاية إذا ما أردنا المضي قدما، لكن كيف ستسير الأمور، هذا يعتمد بشكل كبير على ما سيجري في الأسابيع القليلة المقبلة.
وأشار إلى أن تحقيق السلام لا يزال قائما، لكنه أصبح تحديا صعبا للغاية: “عمليا نحن على وشك فقد واختفاء الأمل في ذلك، فمع الاعتراف بالقدس والإعلان عن توسيع المستوطنات وضم أراضي فلسطينية وغياب المفاوضات والانقسام، كل ذلك تقوض الأمل، لكنني أعتقد بأن الناس تميل لفكرة أن الأمل موجود، لأننا إذا فقدنا الأمل وضعنا تصورا لعكس ذلك يضع حل الدولة الواحدة فسيكون لديك أشخاص إما يعيشون وفق فئتين، الأولى تتمتع بحقوق كاملة، والثانية لها حقوق أقل، لا أعتقد أن هذا سيكون مقبولا لأي شخص في العالم، ولا الفلسطينيون ولا الإسرائيليون سيقبلون ذلك".
وتابع ملادينوف: “في نهاية المطاف عندما نحلل مثل هذه البدائل التي يروج لها البعض، فإننا على الفور نصل لتصور مفاده أنه ما لم نصل لحل يعيش فيه الفلسطينيون والإسرائيليون منفصلين في دولتين، ولديهما أمنهما وعقيدتهما واقتصادهما، فلن نصل لسلام، وأيضا ما لم يتوافر العدل، فإنه لن تصمد خطة للسلام، إذا أردنا سلام دائم فيجب علينا العودة لطاولة المفاوضات من منطلق المبادئ التي تم الاتفاق عليها في الماضي”، ورغم أنني أعلم أنه من المألوف للغاية اليوم في جميع أنحاء العالم أن نفكر مليا في البحث عن بدائل أخرى خارج الصندوق، ولكن واقع هذا الصراع هو أنه لا يمكنك إنكار الحقوق الدينية والقومية والتاريخية للفلسطينيين والإسرائيليين وفي أن يكون لكل منهما بلده المستقل.
وقال ملادينوف إن الأمم المتحدة أصدرت تقريرًا يقول إنه في عام 2020 ستكون غزة غير قابلة للحياة، ونحن نقترب منها بسرعة كبيرة اليوم، ما زلت أعتقد أن الوضع في غزة دراماتيكي ورهيب ليس بالدرجة التي توقعها التقرير، ربما هو كذلك، ولكن ليس كما توقعها تمام ربما أولا لأن المجتمع الدولي احتشد على مدار السنوات القليلة الماضية دعما لتوفير المساعدات الإنسانية، لأهل غزة، وثانيا لأن مصر والأمم المتحدة وفرا شريانا للحياة لإنقاذ الموقف.
وأشار إلى الجهود الضخمة التي بذلتها القاهرة لمنع حرب بين حماس في غزة وإسرائيل، مؤكدا العمل بشكل كبير لوقف التصعيد، حيث استطعنا العمل مع الجهات المانحة من مختلف دول العالم ودول الخليج لتوفير مساعدات إنسانية ووفرنا 10،000 وظيفة، وفي الأشهر القليلة الماضية تم تزويد المواطنين بالكهرباء، والآن نركز على الخدمات الصحية، وآمل أنه من خلال هذه الجهود يمكننا أن نهيئ الظروف التي يمكن بموجبها إيجاد حل لصلب المسألة في غزة، مع علمنا أن غزة تحت سيطرة حماس منذ 12 عاما، ولذا يجب إنهاء الحصار المفروض على سكان غزة، لأنه يمنع للغاية أي محاولة لوضع تنمية اقتصادية مستدامة.
قد يهمك أيضا:
الصالحي يؤكد وحدة النضال الفلسطيني السوري اللبناني
المجلس الوطني يرحب بتكليف محمد اشتيه تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة
أرسل تعليقك