لم يكن التفجيران اللذان استهدفا حاجزين شرطيين في مدينة غزة ليل الثلاثاء، وتسببا باستشهاد ثلاثة من رجال الشرطة، أولى محاولات المسّ بحالة الاستقرار والأمن التي ينعم فيهما المواطنون في الجيب الساحلي المحاصر من سنوات، رغم الأزمات اللامتناهية التي يفتعلها الاحتلال الإسرائيلي.
فعودة إلى الوراء؛ لرصد حالاتٍ مماثلة في السابق، لم تُسجّل أيًا من تلك التفجيرات والأعمال العدوانية التي استهدفت عناصر شُرطية أو أمنية عمومًا، تهديدًا ملموسًا أو حتى أحدثت إرباكًا للاستقرار، فسرعان ما تعود الحياة الطبيعية إلى شوارع القطاع بمجرد أن يتلاشى في الهواء أزيز إطلاق النار أو الانفجار الإجرامي.
وأعلنت مجموعة تكفيرية من أحد مساجد رفح في منتصف آب/ أغسطس 2009، عن إقامة إمارةٍ إسلامية بزعامة عبد اللطيف موسى، الذي قال في خطبة الجمعة آنذاك، "إن حماس حركة علمانية يتوجّب قتلها وقتالها".
وبعد قتل المجموعة التكفيرية وسيطًا حاول إنهاء الأزمة سلميًا، اندلع اشتباك بين عناصر المجموعة والأجهزة الأمنية أودى بحياة نحو 20 عنصرًا من أولئك التكفيريين.
وقتل عنصران تكفيريان في 19 إبريل/ نيسان 2011، - أحدهما أردني- تورطا بقتل ناشط إيطالي في غزة بعد ساعات من الاشتباكات وتحصّنها في منازل بمخيم النصيرات.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول وديسمبر/ كانون الأول 2014، تبنت جماعة تطلق على نفسها "جند أنصار الله" تفجيرين استهدفا المركز الثقافي الفرنسي غرب مدينة غزة، حيث وقع التفجير بعد يومٍ من تفجير نظيره في العاصمة الأفغانية كابول، والذي تبنّته حركة طالبان.
وتعليقا على ذلك التفجير آنذاك، قال المتحدث باسم الشرطة في غزة أيمن البطنيجي: "يبدو أن هناك جهات تحاول تعكير صفو الأمن في غزة باستهداف الأماكن التي تحوي أجانب لتخويفهم، ونقل صورة سيئة عن غزة وأمنها"، إلا أن المركز سُرعان ما استأنف نشاطه لاحقًا.
وأعلنت وزارة الداخلية في غزة في يونيو / حزيران 2015، عن أن أحد "الخارجين عن القانون"، قُتل بعد مبادرته بإطلاق النار على عناصر الأمن إثر محاولة اعتقاله، ورفضه تسليم نفسه، وتفخيخ المنزل المتواجد فيه.
وذكرت أنها عثرت في منزله على أحزمة ناسفة وعبوات تفجيرية وقذائف آر بي جي وأسلحة مختلفة.
كما استفاق أهالي غزة فجر الـ17 من أغسطس 2017 بعد أن أقدم شاب من الجماعات التكفيرية على تفجير نفسه في قوة أمنية على الشريط الحدودي مع مصر مما أدى لاستشهاد رجل الأمن نضال الجعفري.
وجاء ذلك الحادث في وقت كانت تسعى فيه حركة حماس لتطوير علاقاتها مع القاهرة، والسعي لفتح معبر رفح لسفر العالقين وحجاج بيت الله بعد إغلاقه خمسة أشهر متتالية.
وأخذت تلك التفجيرات منحىً آخر في 13 مارس 2018، حين فجّر أحد معتنقي الفكر التكفيري عبوةً ناسفة قرب موكب سيارات لرئيس الحكومة السابق رامي الحمد الله في بيت لاهيا شمالي القطاع.
وعرضت الأجهزة الأمنية في غزة اعترافات لمتورطين في التفجير كشفوا فيها عن تنسيق بينهم وبين جهاز المخابرات في رام الله لتنفيذ التفجير.
وأدى اشتباك الأمن مع الخلية المنفذة في مخيم النصيرات إلى استشهاد اثنين من عناصر الشرطة، ومقتل زعيم الخلية بعد محاولته تفجير حزام ناسف كان يرتديه بعناصر الشرطة، كما أصيب اثنان آخران من المطلوبين.
ويرى مختصون أمنيون أن بصمات أجهزة مخابراتية كانت واضحة في بعض التفجيرات التي ضربت غزة، لتحقيق أهداف لم تُفلح الحروب أو مخططات سابقة للفوضى بتحقيقها.
وكانت الأصابع الإسرائيلية واضحة أكثر من قبل في التفجير الذي وقع أواخر إبريل 2014 واستهدف قاربًا في ميناء غزة كان مُعدًّا للإبحار لكسر الحصار البحري.
وبالإضافة إلى ما سبق، سُجّلت في القطاع حالات مشابهة بعد تولي حركة حماس مقاليد الحكم عام 2006 عقب فوزها بالانتخابات، إذ فجّر مجهولون بعض مقاهي الإنترنت ومراكز التجميل بزعم "محاربة الرذيلة"، إلا أن تلك النوعية من الأعمال التخريبية اندثرت تمامًا.
ويعتقد مراقبون عن كثب للوضع العام في غزة أن الجهات التي تدفع باتجاه نشر الفوضى والفلتان الأمني في غزة أخفقت جميعًا بالتأثير على الاستقرار والسِلم المجتمعي، وتلقت ضربات مؤثرة من أجهزة الأمن.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
إياد البزم يؤكد أن انتحاريان فجرا نفسيهما في حاجزي الشرطة في غزَّة وتم التعرف على هويتهما
بنيامين نتنياهو ينصح الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله بالهدوء
أرسل تعليقك