غزة – محمد حبيب
كشف عبد الناصر فروانة رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين، وعضو اللجنة المكلفة بإدارة شؤون الهيئة في قطاع غزة، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي أبعدت منذ عام 2002- فرديا أو جماعيا - نحو (290) فلسطينيا من سكان الضفة الغربية والقدس، الى قطاع غزة أو الى خارج الأرض الفلسطينية، وأن غالبيتهم لم يسمح لهم بالعودة الى ديارهم وأماكن سكناهم، وأن كافة أوامر"الإبعاد" حظيت بالموافقة القضائية والقانونية، ما يؤكد على تواطؤ القضاء الإسرائيلي مع الجهات السياسية والأمنية.
وأكد فروانة على أن سياسة إبعاد الفلسطينيين ونفيهم قسراً إلى أماكن بعيدة عن مكان سكنهم داخل مناطق الأراضي المحتلة أو خارجها، سواء بالإكراه أم في إطار اتفاقية فردية أم جماعية، ولفترة زمنية محدودة أم بصورة دائمة، تُعتبر سلوكا شاذا وممارسة قسرية ومن أقسى العقوبات المحظورة، وتشكل عقاباً فردياً وجماعياً للمبعدين ولعائلاتهم، وتشتت الأسر وتشرذم العائلات، وتشرد السكان وتخلق مشكلات سياسية واقتصادية ونفسية واجتماعية يصعب حلها.
ويعتبر "الابعاد" أو"النفي القسرى"، انتهاكاً خطيراً ومخالفة صريحة للقانون الدولي، وممارسة محظورة وغير شرعية أياً كانت دواعيه ودوافعه بموجب أحكام للمادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، فيما قانون روما الأساسي، للمحكمة الجنائية الدولية، فقد اعتبر الإبعاد جريمة حرب.
وجاءت تصريحات فروانة هذه خلال مشاركته في وقفة تضامنية أقيمت صباح اليوم أمام مقر الأمم المتحدة في مدينة غزة، في الذكرى الرابعة عشر لإبعاد سلطات الاحتلال لنحو (39) مواطناً فلسطينياً، كانوا قد احتموا داخل كنيسة المهد في بيت لحم، عقب اجتياح عسكري للمنطقة، وذلك في العاشر من أيار/مايو عام 2002.
وقد تم إبعاد هؤلاء في حينه، بعد أن فرضت قوات الاحتلال حصارا غير مسبوق، لمدة أربعين يوما، على الكنيسة، بغية القبض على المحتمين بها. ولم ينته هذا الحصار إلا بعد أن اضطرت السلطة الوطنية الفلسطينية إلى إجراء مفاوضات مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، انتهت بموافقتها على ترحيلهم: فتم نفي 13 منهم إلى عدة دول أوروبية، أما الـ26 الباقون، فقد تم نفيهم إلى قطاع غزة.
وبيّن فروانة بأن الموافقة على الإبعاد (طواعية أو ضمن اتفاق بين الطرفين) لا تضفي الشرعية على هذا الإجراء غير القانوني، إذ أن الموافقة على ما يخالف اتفاقية جنيف أمر غير قانوني، وفقاً للمادة (8) التي تنص على أنه: "لا يجوز للأشخاص المحميين التنازل- في أي حال من الأحوال - جزئيا أو كليا، عن الحقوق الممنوحة لهم بمقتضى هذه الاتفاقية".
ودعا فروانة المجتمع الدولي إلى تشكيل لجنة دولية للتحقيق في جريمة حصار قوات الاحتلال لواحد من أهم الأماكن المقدسة في العالم وهو كنيسة المهد، قبل أربعة عشر عاما وجميع الجرائم ذات العلاقة بما فيها قتل قارع الأجراس وأحد الرهبان وعدد من المحتمين داخل الكنيسة ومن ثم ابعاد (39) مواطنا كانوا محتمين بداخلها، والعمل الجاد لإنهاء ابعادهم وضمان عودتهم الى ديارهم.
أرسل تعليقك