أعلنت مفوضية حقوق الانسان في العراق أن عدد قتلى الاحتجاجات الشعبية التي تعرفها البلاد منذ شهر أكتوبر الماضي بلغ 433 قتيلا، فيما ناهز عدد المصابين الـ 20 ألفا.وأضافت المفوضية، في بيان اليوم، أن العدد الإجمالي للمعتقلين قدر بـ 2600 شخصا، لافتة إلى أنه تم الافراج عن 2441 منهم حتى الآن.وذكر البيان أن المفوضية العليا لحقوق الإنسان العراقية بحثت في وقت سابق من اليوم مع بعثة الاتحاد الأوروبي في البلاد ملف التظاهرات، وما رافقها من أحداث، مشيرة إلى أن السيد عقيل الموسوي رئيس المفوضية كشف أنه تم نشر أكثر من 400 من موظفي مفوضية حقوق الإنسان العراقية في ساحات التظاهر سواء بالعاصمة بغداد أو بالمحافظات الأخرى ضمن فرق لرصد الانتهاكات المسجلة.
وقال الموسوي إن المفوضية التقت بالمتظاهرين الموقوفين في السجون ومراكز الاحتجاز، ونجحت في تهيئة الضمانات القانونية للمتهمين ومنها إجراء الزيارات من قبل ذويهم، لافتا إلى أن المفوضية تواصل جهودها لإطلاق سراح جميع المتظاهرين الموقوفين ممن لم يتورطوا باعتداءات على الأملاك العامة والخاصة.كما أفاد بأن المفوضية اتفقت مع نقابة المحامين على توكيل محامين للدفاع عن المتظاهرين الموقوفين، وقد تم تنظيم ما يقارب 100 وكالة، معتبرا أن غياب المركزية في إصدار الأوامر وقلة العناصر المدربة على قواعد التعامل الآمن أثناء الاحتجاجات الشعبية، أدى إلى سقوط واصابة العديد من الضحايا.
وشهدت العاصمة بغداد وعدد من المحافظات الوسطى والجنوبية تظاهرات واحتجاجات واضراب عن الدوام، في بداية أكتوبر الماضي، وتجددت في الـ25 منه دون أن تتوقف حتى اليوم، حيث طالب المحتجون بإجراء إصلاحات وزارية ودستورية، وتخلل هذه الاحتجاجات صدامات خلفت أكثر من 400 شهيد وآلاف الجرحى .تتكثّف المشاورات في بغداد بحثاً عن بديل من رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي، وسط استمرار أعمال العنف في جنوب البلاد، بينما حضّت ممثلة الأمم المتحدة في العراق جانين هينيس- بلاشيرت، الثلاثاء 3 ديمسبر (كانون الأول)، السلطات العراقية على الاستجابة لتطلّعات الشعب، مؤكدةً مجدداً أن استخدام القوة ضدّ المتظاهرين أمر "لا يمكن التساهل معه".
وفي مداخلة عبر الفيديو أمام مجلس الأمن الدولي قالت هينيس- بلاشيرت "على القادة السياسيين ألا يضيّعوا مزيداً من الوقت وأن يرتقوا إلى مستوى الأحداث"، مشدّدةً على أن الأزمة الحالية "لا يمكن حلّها بالتراخي واعتماد إجراءات تجميلية أو عقابية"، لن يكون من شأنها سوى "زيادة غضب السكان وريبتهم".وبعدما أشارت إلى "مقتل أكثر من 400 شخص منذ بداية أكتوبر (تشرين الأول) وإصابة أكثر من 19 ألفاً بجروح"، عبّرت المسؤولة الأممية عن أسفها لعدم توقّف استخدام الأسلحة الفتاكة ضدّ المتظاهرين.
وأضافت أن الأسلحة غير المميتة "يستمر سوء استخدامها، ما يتسبّب بجروح رهيبة ووفيات"، منددةً بـ"عمليات التوقيف التعسفية وعمليات الخطف والتهديدات والترهيب". وأكّدت هينيس-بلاشيرت أن كل ذلك يحدث على الرغم من أن "غالبية المتظاهرين سلميون"، مضيفةً "أنه لا يمكن التسامح مع أشكال العنف كافة ويجب عدم حرف الانتباه عن مطالب الإصلاح المشروعة".في سياق منفصل، ذكر بيان للجيش العراقي أن خمسة صواريخ سقطت الثلاثاء داخل قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار غرب العراق، حيث تتمركز قوات أميركية. وأضاف البيان أن الهجوم لم يسفر عن سقوط أي ضحايا، من دون أن يقدّم مزيداً من التفاصيل.
كردستان تسعى إلى ضمان مكاسبها
في سياق آخر، أعربت حكومة كردستان العراق الثلاثاء عن أملها بتطبيق اتفاق مبدئي وُقّع قبل أيام من استقالة عبد المهدي، رصد لها حصة في موازنة عام 2020 مقابل تصدير النفط الخام عبر قنوات حكومة بغداد. وتركّز المساعي الكردية اليوم، بحسب ما يقول الباحث في كلية الدراسات العليا في العلوم السياسية بباريس عادل بكوان، على "ضمان ألاّ يؤثر أي إصلاح محتمل للدستور على ما تعتبره الأحزاب السياسية الكردية مكاسب لها". ويضيف "على سبيل المثال: الهوية العراقية، اللغة الكردية، المادة 140 (من قانون بريمر للمناطق المتنازع عليها) وغيرها". وعليه، يعمل الأكراد على توحيد الصف في البرلمان للوقوف بوجه أي قرار يطال تلك المكاسب.
ويسعى البرلمان العراقي بدوره إلى درس قانون انتخابي جديد يفترض أن يؤدي إلى مجلس نواب أقل عدداً وأوسع تمثيلاً. ويبقى كل ذلك في مواجهة الشارع، حيث تتواصل التظاهرات في بغداد ومدن جنوبية، داعيةً إلى إنهاء نظام المحاصصة الطائفية في توزيع المناصب.
وبعدما كانت الدعوة مقتصرة على توفير فرص عمل وخدمات عامة، تصاعدت مطالب المحتجين الذين ما زالوا يسيطرون على ساحات التظاهر، لتشملَ إصلاح كامل المنظومة السياسية التي أرستها الولايات المتحدة بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003. وأصبح تغيير الطبقة السياسية المتهمة بالفساد وتبخّر ما يعادل ضعف الناتج المحلي للعراق، الذي يعدّ بين أغنى دول العالم بالنفط، مطلباً أساسيا للمحتجين.
وتواصلت الثلاثاء أعمال العنف في مدينتي النجف وكربلاء، حسب ما أفاد مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية. ففي النجف التي دخلت في دوامة العنف مع إحراق القنصلية الإيرانية مساء الأربعاء الماضي، حاول متظاهرون الدخول إلى مرقد محمد باقر الحكيم، رجل الدين العراقي الشيعي البارز. وجُرح 35 شخصاً من المحتجين بعدما أطلق مسلّحون يرتدون ملابس مدنية أعيرة نارية وقنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين، وفق ما أفاد شهود.
وتحاول شخصيات عشائرية بارزة، منذ أيام، التفاوض على آلية للخروج من الأزمة، بينما ناشد محافظ النجف سلطات بغداد وقف العنف، الذي تقول قوات الأمن المحلية إن لا حول لها فيه ولا قوة. ودعا زعماء العشائر، الثلاثاء، رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر ومقاتليه من "سرايا السلام" إلى التدخّل، لكن الصدر لم يستجب حتى الساعة، بعدما كان أنزل رجاله بأسلحتهم في بغداد بداية أكتوبر، متعهداً بـ"حماية" المحتجين.
وفي كربلاء، وقعت مواجهات جديدة ليلاً بين المتظاهرين والشرطة التي أطلقت الرصاص والقنابل المسيلة للدموع لتفريق المحتجين، حسب مراسل وكالة الصحافة الفرنسية.ونشرت الشرطة تعزيزات في مدينة الناصرية، التي قُتل فيها أكثر من 40 محتجاً يومي الجمعة والسبت، ووصل إليها نحو 500 عنصر من قوات الأمن. كما استُدعي نحو 150 عنصراً إلى مدينة البصرة لتعزيز أمن السجون حيث يقبع جهاديون، وذلك تحسّباً لأي محاولة استفادة من الفوضى القائمة للفرار.أمّا في بغداد، فأعلنت السلطات الثلاثاء إطلاق سراح 16 متظاهراً كانوا أوقفوا خلال الاحتجاجات.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
حقوق الإنسان تطالب الشرطة بمواجهة حالات التحرش في العراق
الاتحاد الأوروبي يؤكد عدم تغير موقفه بشأن الاستيطان الإسرائيلي
أرسل تعليقك