أصيب عشرات الفلسطينيين أمس الجمعة، بجروح خلال المسيرات الجماهيرية، التي دعت إليها الهيئة الوطنية العليا لمسيرة "العودة الكبرى" وكسر الحصار، على طول حدود شمال وشرق قطاع غزة، في جمعة "الوفاء للجرحى"، في وقت يبدو فيه أن إسرائيل حققت نجاحا تكنولوجيا كبيرا في السيطرة على الطائرات الورقية الحارقة، ومنع اندلاع النيران في بلداتها المجاورة لحدود القطاع.
وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة، إن 89 فلسطينيا أصيبوا بجروح متفاوتة، جراء إطلاق الجيش الإسرائيلي الرصاص الحي وقنابل الغاز بكثافة تجاه المتظاهرين على طول حدود قطاع غزة. مشيرة إلى أن 12 من مجمل الجرحى تم تحويلهم للمستشفيات، من بينهم 3 أطفال وفتاة، ورغم الدعوات المكثفة التي أطلقتها الهيئة العليا للمسيرات، لوحظ أن عدد المتظاهرين أمس كان هو الأقل جماهيريا منذ بدء المسيرات في الثلاثين من مارس (آذار) الماضي، حيث قُدّر العدد بنحو 2000 متظاهر على طول الحدود، فيما كان الحد الأقل في السابق لا يقل عن 5 آلاف متظاهر.
وخلال احتجاجات أمس، أطلق عشرات الجرحى الذين أصيبوا خلال المسيرات، مئات "البلالين" التي تحمل صور شبان قتلتهم قوات الجيش الإسرائيلي منذ بداية المسيرات، فيما تمكن بعض الشبان من سحب السياج الشائك من عدة مناطق حدودية، وعلى غير العادة، شبت ثمانية حرائق فقط بشكل صغير جدا في الأحراش الزراعية لكيبوتسات إسرائيلية مجاورة لحدود قطاع غزة، حيث كان يسجل في احتجاجات الجمعة السابقة أكثر من 25 حريقا، بينما يسجل في الأيام العادية ما لا يقل عن 16 حريقا، تتسبب في أضرار كبيرة بالجانب الإسرائيلي.
ولا يُعرف ما إذا كان سبب عدم اندلاع نيران هو اتجاه الرياح، أو أنه جاء نتيجة نشر الجيش الإسرائيلي منظومة جديدة للتصدي للطائرات الورقية الحارقة، وأعلنت مصادر عسكرية إسرائيلية صباح أمس، أنها نشرت منظومة حديثة لاعتراض الطائرات الورقية، من تصنيع شركة "إلبيت" التي طورتها تقنيا وتكنولوجيا بشكل "إلكترو - بصري"؛ مشيرة إلى أن هذه المنظومة قادرة على رصد طائرات وبالونات حارقة حتى مدى أقصاه سبعة كيلومترات.
وبحسب مصادر عسكرية، فإن الحديث يجري عن "منظومة كهروضوئية" بإمكانها التقاط مسار الطائرات الورقية، أو البالونات من مسافة سبعة كيلومترات، بينما لا تزال فوق أراضي قطاع غزة. وبعد رصد الطائرة الورقية تستطيع المنظومة إطلاق طائرة إلكترونية صغيرة مسيرة، مزودة بمعطيات مكانية، تعترض الجسم المشبوه وتفجره في الجو. وقد قامت شركة "إلبيت" للصناعات العسكرية الإلكترونية بتطويرها، وعرضتها على قائد القوات البرية في الجيش الإسرائيلي، الذي سمح بتجربتها في قطاع غزة ابتداء من أمس، وتم نشرها على طول الحدود مع قطاع غزة.
وعلى الرغم من اعتداد إسرائيل بهذا الاختراع، فإن أوساطا مطلعة قالت إنه سلاح مكلف. على اعتبار أن تكلفة الطائرة الورقية لا تتجاوز 4 دولارات، في حين تبلغ تكلفة كل طلعة للمنظومة التي تتصدى لها آلاف الدولارات.
من جهته، قال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، إن مئات المتظاهرين أشعلوا الإطارات المطاطية، وألقوا مواد متفجرة وحارقة قرب الحدود، دون إصابات في صفوف قوات الجيش. فيما أشارت مصادر إعلامية إسرائيلية إلى أن متظاهرين ألقوا قنبلة يدوية تجاه قوة للجيش قرب موقع ناحل عوز العسكري؛ لكن دون إصابات.
من جانبه، قال عبد اللطيف القانوع، المتحدث باسم حركة حماس، إنه "ليس أمام الاحتلال سوى تحقيق مطالب الحراك الشعبي، وإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة"، مضيفا أن الطائرات الورقية "إحدى الوسائل النضالية لمسيرات العودة، وملاحقة الاحتلال لمطلقيها محاولة لحرف المسيرات عن مسارها السلمي. واستمرار المسيرات السلمية يعبر عن ديمومتها حتى تحقيق مطالبها".
وفي الضفة الغربية، أصابت قوة إسرائيلية فجر أمس، شابا فلسطينيا بعيار مطاطي، واعتقلت آخر، خلال مواجهات وقعت في مخيم الدهيشة في بيت لحم. فيما اعتقل شاب آخر من قرية بني نعيم قرب الخليل، كما شهدت الضفة مسيرات محدودة جدا في بعض القرى والبلدات التي يحاذيها جدار الفصل العنصري الإسرائيلي، بمشاركة ناشطين أجانب وإسرائيليين، دون أن يسجل وقوع أي إصابات.
وككل أسبوع، استبقت قوات الاحتلال المحتجين الفلسطينيين، وبادرت إلى الهجوم عليهم في ساعات الفجر قبل انطلاق المسيرات. واختارت لهذه الغاية بلدة بيت لحم ومخيم الدهيشة المجاور لها. وبحجة التفتيش عن الشاب عدي عدنان محمد شحادة (21 عاما)، حضرت قوات ضخمة إلى المخيم وطوقت البيت، ثم دهمت منزل والده، وراحت تجري تفتيشا تخريبيا في جنباته. وقد اشتبك معها الشبان فأطلقت عليهم الرصاص وقنابل الغاز والصوت، ما أدى لإصابة شاب بثلاثة أعيرة، نقل على إثرها إلى أحد مشافي بيت لحم لتلقي العلاج. كما أصيب ضابط في الجيش الإسرائيلي، من جراء قذفه بحجر وبزجاجة حارقة.
وفي جنوب مدينة جنين، أعاقت قوات الاحتلال الإسرائيلي تحركات المواطنين على شارع جنين - نابلس، بعد أن نصبت حاجزا عسكريا طيارا على مفترق بلدة جبع. وأفاد شهود عيان بأن جنود الاحتلال أوقفوا سيارات المواطنين وفتشوها، ودققوا في هويات المواطنين واستجوبوهم، دون سبب يُذكر، أما في منطقة الخليل، فقد اقتحمت قوات الاحتلال بني نعيم شرقي الخليل، وداهمت عدة منازل، وعبثت في محتوياتها، وروعت الأطفال، قبل أن تعتقل المواطن موسى محمد سليمان زيدات.
أرسل تعليقك