شدد سفراء من دول أوروبية عديدة لدى الأمم المتحدة على أن حل الدولتين هو المسار الوحيد القابل للتطبيق لتسوية الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، مؤكدين على أهمية استقرار دور وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). وقال السفير السويدي لدى الأمم المتحدة أولوف سكوغ لمجلس الأمن في نقاش عن السلام في الشرق الأوسط " اسمحوا لي في البداية أن أؤكد مجددا على موقف السويد والتزامها الثابت إزاء حل الدولتين. لا يوجد بديل ببساطة".
وأضاف أن" حل الدولتين فقط، بناء على المعايير المعروفة والقانون الدولي والقرارات ذات الصلة لهذا المجلس، يمكن أن يحقق الطموحات المشروعة للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء ويحقق الأمن والسلام العادل الذي يستحقه الشعبان". وأعرب عن قلقه إزاء العجز المالي الذي تعاني منه "أونروا" نتيجة التقليص الحاد للمساعدة الأميركية.
وقررت الولايات المتحدة أنها ستقدم 60 مليون دولار للوكالة في عام 2018 بدلا من 363 مليون دولار في العام الماضي، الأمر الذي خلق أزمة غير مسبوقة للوكالة. وقال سكوغ " "أونروا" تقدم خدمات حاسمة للتنمية الإنسانية للاجئين الفلسطينيين، وتلعب دورا مهما لضمان الاستقرار في منطقة متضررة بشكل خطير بالصراع والإرهاب والاضطراب. ونظرا للظروف الحرجة التي تواجه الكثير من اللاجئين، فإن الدور المستقر لأونروا لتوفير الخدمات الأساسية حتمي".
وأضاف أن "العمل الذي تقوم به "أونروا" مهم للحفاظ على احتمال حل الدولتين، حيث يشكل اللاجئون واحدة من قضايا الوضع النهائي". وفي ضوء العجز الحالي المقدر بـ243 مليون دولار، تواجه "أونروا" أسوأ أزماتها المالية منذ تأسيسها. إذ باتت عمليات وبرامج الوكالة مهددة إذا لم يتم اتخاذ إجراءات استثنائية، بحسب السفير، الذي حذر من أن تقليص أو إلغاء عمليات "أونروا" سيكون له عواقب سلبية وخيمة وفورية على الأرض فضلا عن زعزعة الاستقرار.
وفي عام 1949، أسست الجمعية العامة للأمم المتحدة "أونروا" وفوضتها بتوفير المساعدة والحماية لأكثر من 5 ملايين شخص اليوم، مسجلين كلاجئين فلسطينيين في الأردن ولبنان وسورية وكذلك الضفة الغربية وغزة. وقال سكوغ إن" "أونروا" فُوضت بتنفيذ هذه المهمة حتى التوصل إلى حل تفاوضي ودائم وعادل لوضع اللاجئين الفلسطينيين.... ولهذا السبب لابد أن نواصل القيام بمسؤوليتنا من أجل اللاجئين الفلسطينيين من خلال الحفاظ على تشغيل أونروا".
وأشار إلى أن "أونروا" أجرت إصلاحات رئيسية بسرعة غير مسبوقة، ونتيجة لذلك حققت أعلى مستوى من الكفاءة في عملياتها وبرامجها. ومن خلال الإصلاحات التي طبقت في 2015 و2016 وفرت الوكالة 81 مليون دولار العام الماضي. وأضاف السفير أن بلاده أسهمت بـ65 مليون دولار لأونروا في العام الماضي، لتصبح رابع أكبر متبرع للوكالة. وفي ضوء الأزمة المالية الدقيقة، سارعت السويد بتقديم موعد مساعدتها المبدئية المخصصة لعام 2018 للوكالة.
ومن جانبه، جدد السفير الهولندي لدى الأمم المتحدة فان اويستروم التزام دولته أيضا بحل الدولتين. وقال "حل الدولتين هو السبيل الوحيد القابل للتطبيق لتحقيق طموحات الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء للعيش في سلام وأمن وكرامة". وبشأن أونروا، قال "لا يجب أن نسيس المساعدة الإنسانية".
وتابع " إننا نؤمن بقوة بأن "أونروا" تلعب دورا رئيسيا كمنظمة إنسانية تابعة للأمم المتحدة لتوفير الرعاية الصحية الأساسية والتعليم والإنقاذ الطارئ للاجئين الفلسطينيين. وفي الأراضي الفلسطينية خصوصا، فإن دورها لا غنى عنه حيث تقوم "أونروا" بتوفير 50 في المائة من إجمالي المساعدات الإنسانية، فضلا عن ما تقوم به في بيئة صعبة في لبنان والأردن وسورية".
وقال إن بلاده داعم قوي لـ"أونروا" منذ أعوام وستواصل دورها على هذا النحو ولاسيما في ظل الظروف الصعبة الراهنة، مؤكدا أيضا أن بلاده قررت تسريع تقديم مساهمتها المخصصة للوكالة في 2018 على خلفية القلق المتعلق بوضعها المالي. وشاطرهما في الرأي سفير النرويج لدى الأمم المتحدة توري هاتريم، قائلا إن "السلام والأمن والرخاء على المدى الطويل للإسرائيليين والفلسطينيين لن يتحقق إلا بحل الدولتين".
وأضاف أن قضايا الوضع النهائي العالقة يتعين حلها عبر مفاوضات مباشرة بين الطرفين بدعم من المجتمع الدولي. وأشار هاتريم إلى أن العملية السياسية تعاني من جمود منذ سنوات والوضع يكتنفه التوتر المتزايد والهشاشة الخطيرة.
وأقر أيضا بالدور الحاسم الذي تلعبه "أونروا" من حيث توفير الخدمات الضرورية ولاسيما التعليم والرعاية الصحية، قائلا "بهذه الجهود، "أونروا" لديها دور حيوي أيضا في الحفاظ على الاستقرار في المنطقة ولاسيما في لبنان والأردن". وبدوره، جدد ستيفن هيكي، القائم بأعمال مندوب بريطانيا الدائم لدى الأمم المتحدة، التأكيد على التزام بلاده الثابت بحل الدولتين قائلا " إننا نتصور إسرائيل ودولة فلسطينية تعيشان في سلام وأمن ورخاء جنبا إلى جنب، ضمن حدود آمنة ومعترف بها، والقدس تكون عاصمة مشتركة".
ودعا السفير الطرفين إلى اتخاذ خطوات سريعة لتحويل الاتجاهات السلبية الراهنة على الأرض، والامتناع عن الإجراءات الأحادية، والبدء في مفاوضات سلام جديدة ذات مغزى. وبشأن "أونروا"، قال إن بلاده ستبقى داعما قويا للوكالة، مشيرا إلى"أننا نعترف بتفويضها الفريد والمهم من جانب الجمعية العامة للأمم المتحدة وتوفير الخدمات الحيوية للسكان اللاجئين الفلسطينيين سواء في الأراضي المحتلة أو في الأردن وسورية ولبنان".
وأضاف "على الرغم من أننا نتفق على أن هناك حاجة ملحة لأونروا لان تصبح أكثر كفاءة وفعالية من خلال تسريع وتيرة الإصلاح، إلا أن "أونروا" لابد أن تستمر في قدرتها على تنفيذ وظائفها المهمة. أي تخفيضات أو تأخيرات غير متوقعة من جانب المتبرعين يمكن أن تؤثر بشكل خطير وتقوض من الاستقرار في المنطقة. كما أعرب السفراء عن رفضهم للأنشطة الاستيطانية في الاراضي الفلسطينية.
أرسل تعليقك