طرابلس ـ فاطمة سعداوي
بينما دعا نائب رئيس مجلس الرئاسي الليبي، أحمد معيتيق، روسيا إلى المشاركة في إعادة إعمار بلاده، قال مجلس النواب الليبي في "طبرق" إن اللجنة المكلفة بالتحضير لمؤتمر عالمي بشأن «إعمار بنغازي» بدأت في توجيه الدعوات إلى شركات عالمية وإقليمية ومحلية، قصد تقديم تصوراتها لإعمار المدينة، وسط تقديرات لفاتورته بـ9 مليارات دولار.
وقال معيتيق: «أعتقد أن دور روسيا في ليبيا نشط خلال الفترة الأخيرة، وهو موجه نحو نبذ العنف وإحلال السلام، ولإعادة إحياء المؤسسات الليبية وتفعيلها»، مضيفًا أنها تقوم بدور فاعل في التسوية السياسية الليبية، ووفقًا لوكالة «سبوتنيك» الروسية، فقد أعرب على هامش منتدى «الحوارات المتوسطية» الثالث الذي احتضنته روما، عن أمله «أن تكون لموسكو أيضًا مشاركة فاعلة في مرحلة إعادة الإعمار التي يفترض أن تبدأ العام المقبل»، موضحًا أن هناك مباحثات حصلت في موسكو بين اللجنة العليا المشتركة، وصفها بـ«الممتازة»، ولفت إلى أن المشاريع الروسية السابقة في ليبيا «لا تزال متوقفة، لكن العام المقبل سيشهد اتجاهًا نحو التنمية والإعمار في ليبيا، ونتمنى أن تشارك روسيا في ذلك».
من جهته، أبرز عضو مجلس النواب عصام الجهاني، أنه «لا توجد قراءة دقيقة لحجم الدمار الذي لحق ببنغازي إلى الآن»، مشيرًا إلى أن المدينة «كانت تعاني قبل الحرب على الإرهاب من قصور في البنية التحتية، لكنه زاد بعد الحرب».
وسبق أن أعلنت الغرفة الاقتصادية الليبية - المصرية المشتركة عن وجود «اتصالات مكثفة» مع الحكومة المصرية للمشاركة في مشاريع إعادة الإعمار في ليبيا بتكلفة تقدر بـ9 مليارات دولار، وقال رئيس الجانب الليبي هاني سفراكس، إن المصرف المركزي في ليبيا اعتمد هذا المبلغ لصالح مشاريع إعمار المدن الليبية شرق البلاد.
ورأى الجهاني أن فاتورة إعادة إعمار بنغازي «ستتجاوز هذا الرقم، بالنظر إلى حجم الدمار الذي لحق بالمدينة»، لافتًا إلى أنه لم يتحدد حتى الآن إن كانت هذه التكلفة ستشمل إعادة البناء بشكل كامل للعقارات التي تضررت، أم أن الأمر سيقتصر على تأهيلها فقط.
من جانبها، أكدت عائشة يوسف، رئيسة لجنة التحضير للمؤتمر العالمي لـ«إعمار بنغازي»، أنه تم البدء في إرسال دعوات إلى الشركات العالمية والإقليمية والمحلية لتقدم عطاءاتها لإعمار المدينة، مشيرةً إلى أن المؤتمر سينعقد قريبًا كي يتم البدء في العمل العام المقبل.
من ناحيتها، ذكرت أمنة المطيري، عضو المجلس الأعلى للدولة، إن رقم الـ9 مليارات «كبير جدًا ومبالَغ فيه»، وأوضحت أنه «ليست هناك دراسات دقيقة لحجم الدمار الذي لحق ببنغازي، أو معرفة ما يصلح للترميم وما يجب إزالته... كما لا توجد لجنة حصر للبيوت والمحال والمراكز الإدارية لمعرفة حجم تدميرها»، مشددة على أن «هذا الرقم عشوائي، وأي أرقام عشوائية هي باب مفتوح للفساد».
وكان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق قد بحث ملف إعمار المدن التي تضررت في ليبيا، مع بعثة الأمم المتحدة في البلاد، وقد أكدت نائبة المبعوث الأممي للدعم في ليبيا ماريا فالي ريبيرو «دعم الحكومة في إعمار المناطق التي تعرضت لأضرار، جراء الاشتباكات المسلحة التي وقعت فيها».
عبر فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية، عن شكره لدعم إدارة ترمب لحكومته، مؤكدا دعمه لخريطة الطريق التي طرحها سلامة، كما أعلن عن بدء التجهيز لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، والاستفتاء على الدستور العام المقبل، بالتعاون مع المفوضية العليا للانتخابات.
ومن ناحية أخرى، كانت الولايات المتحدة قد جددت دعمها لحكومة السراج، كما عبرت عن حرصها على تنمية العلاقات الثنائية مع ليبيا، ودعم الشعب الليبي ومساعدته للخروج من الأزمة الراهنة، ووفقًا لبيان حكومي، فقد أكد الرئيس الأميركي لدى لقائهما، الجمعة، على دعم الولايات المتحدة للسراج ولحكومته، مشيدا=ًا بما يقوم به من جهود لتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا، والتزامه بمحاربة التطرف بكل أشكاله، وثمن العلاقة المتميزة بينهما، معتبرًا السراج بمثابة شريك إستراتيجي.
وتحدث السراج، وفقًا لبيانه، عما خلفته الأزمة السياسية من انقسام حاد في مؤسسات الدولة، وما يقوم به البعض من محاولات مستمرة لعرقلة مسار التوافق، مؤكدًا إيمانه بالمنهج الديمقراطي والدولة المدنية، وضرورة توحيد المؤسسة العسكرية تحت قيادة مدنية تنفيذية، داعيًا إلى مساهمة الشركات الأميركية في مشاريع استثمارية واقتصادية داخل ليبيا، سواء في مجال النفط والغاز والطاقة، أو التشييد والإعمار، أو التجارة والسياحة، مؤكدًا أن ليبيا ما زالت بخيرها وتحتاج لفتح آفاق جديدة نحو المستقبل.
كما نقل بيان أصدره مكتب السراج عن وزير الخارجية الأميركي تأكيده أن الاتفاق السياسي المبرم قبل نحو عامين برعاية الأمم المتحدة في منتجع الصخيرات في المغرب، «لا يزال هو أساس العملية السياسية في ليبيا، ولا مكان لأي حلول عسكرية»، متمنيًا النجاح لجهود مبعوث الأمم المتحدة غسان سلامة في حل الأزمة السياسية.
في غضون ذلك، نفى مصدر ليبي «وجود ترتيبات لزيارة وشيكة» سيقوم بها المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الليبي، إلى العاصمة واشنطن بعدما أنهى غريمه رئيس حكومة الوفاق الوطني زيارة اجتمع خلالها مع الرئيس دونالد ترمب ووزير خارجيته ريكس تيلرسون.
وقال مسؤول مقرب من حفتر، إنه لا يملك معلومات عن توجيه إدارة ترامب دعوة رسمية إلى المشير لزيارة واشنطن ولقاء ترامب خلال الفترة المقبلة، لكنه كشف في المقابل إن الاتصالات التي بدأت بين الإدارة الأميركية والمشير منذ مايو/ أيار الماضي مستمرة ولم تتوقف، دون الإفصاح عن أي تفاصيل، وقد تعذر الحصول على تعقيب من العميد أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي، فيما رفض مسؤول في مكتب الإعلام الإقليمي لوزارة الخارجية الأميركية الرد على سؤال مماثل.
إلى ذلك، انتقد مسؤولون في الجيش الليبي تسريبات تتعلق باقتراح قدمته شركة «بلاك ووتر» الأميركية للخدمات الأمنية والعسكرية الداعمة لترامب، بشأن إقامة قوة عسكرية خاصة في ليبيا، إذ قال مسؤول عسكري، رفض تعريفه: «بالطبع نحن ضد وجود عناصر أجنبية من أي دولة على الأراضي الليبية، فما بالك بمرتزقة يقاتلون من أجل المال»، وأضاف: «الأولى من ذلك هو أن يدعم المجتمع الدولي الجيش النظامي الوحيد في البلاد»، في إشارة إلى القوات التي يقودها حفتر.
وكان إريك برنس، مؤسس شركة «بلاك ووتر» الأميركية المثيرة للجدل، قد أعلن في تصريحات صحافية أن مقترحه بإنشاء ثلاث قواعد تدريب، ونشر نحو 750 مستشارًا أجنبيًا فيها سيتولون مهام التنسيق والقيادة والاتصالات، فضلًا عن استخدام طائرة استطلاع وبعض المروحيات للبحث عن مركبات مهربي البشر، سيكون خيارًا أكثر إنسانية للاتحاد الأوروبي مقارنة بالفوضى التي تعم ليبيا، مع انتشار تقارير عن خروقات إنسانية كبيرة ترتكبها الميليشيات الليبية ضد المهاجرين هناك. كما تحدث عن تأسيس شرطة مراقبة حدود جنوب ليبيا لمنع تدفق المهاجرين من السودان وتشاد والنيجر.
وفي سياق متصل، اعتبر رئيس الحكومة الإيطالية باولو جنتيلوني، أن إيطاليا فعلت أكثر من أي دولة أخرى في استقبال المهاجرين ومحاربة المهربين. ونقلت السفارة الإيطالية لدى ليبيا عن باولو قوله: «نحث البلدان الأخرى على أن تحذو حذونا»، واختتم النسخة الثالثة لمنتدى «حوارات المتوسط»، بمشاركة غسان سلامة، الذي عبر عن اعتقاده بوجود «الكثير من التدخلات الخارجية، لكن الدعم الخارجي لأطراف معينة في ليبيا قد تراجع».
ورأى سلامة في سلسلة تغريدات له عبر موقع «تويتر» أن المجتمع الدولي لم يعد منقسمًا كما كان في 2013 حول حل سياسي في ليبيا، مشيرًا إلى أن ما بين 20 إلى 22 في المائة من سكانها بحاجة إلى مساعدات إنسانية»، كما عقد على هامش مؤتمر روما سلسلة اجتماعات ضمت وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، بالإضافة إلى أحمد معيتيق نائب السراج.
وميدانيًا، لقي جندي في «القوات الخاصة» الليبية حتفه، وأصيب عشرة جنود آخرون في اشتباكات مع بقايا الجماعات المتطرفة التي يحاصرها الجيش في منطقة خريبيش شمال مدينة بنغازي بشرق البلاد، وأوضح العقيد ميلود الزوي، الناطق باسم قوات الصاعقة، أن جنديًا من الكتيبة الأولى استشهد خلال الاشتباكات مع بقايا المتطرفين، مشيرًا إلى جرح 10 جنود آخرين في الاشتباكات، التي أدت أيضًا إلى مقتل اثنين من المتطرفين خلال عملية تطهير تقوم بها قوات الجيش لمنطقة الفندق البلدي في المدينة.
أرسل تعليقك