القدس المحتلة ـ ناصر الأسعد
رفض الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، تأكيد أو نفي نبأ قيام الطيران الحربي الإسرائيلي بقصف صاروخي على مواقع للجيش السوري و "حزب الله" من بينها مستودع أسلحة في ريف دمشق. في موازاة ذلك، اعتبرت مصادر إسرائيلية القصف "رسالة ردع أساسية لإيران" ولجميع الأطراف المعنية بأن إسرائيل لن تسمح لإيران بإقامة قواعد عسكرية لها في سورية "حتى لو كلف الأمر تصعيداً عسكرياً".
وربط المعلقون العسكريون بين القصف وحديث رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو أمام "مؤتمر سبان" في الولايات المتحدة الأميركية قبل القصف بساعات، بأن إسرائيل لن تسمح بأي وجود عسكري إيراني في سورية، وبما تم تسريبه قبل ثلاثة أسابيع لمحطة التلفزة البريطانية "بي بي سي" من صور بالأقمار الصناعية لقاعدة عسكرية إيرانية تقام في ريف دمشق.
وكتبت وسائل الإعلام العبرية أن القصف "جاء ليؤكد للجميع أن إسرائيل جدية في تهديداتها لمنع وجود عسكري إيراني في سورية وأنها لن تقبل أن لا تكون شريكة في بلورة قواعد اللعبة الجديدة في سورية بعد ضمان بقاء النظام الحالي". وأضافت أن القصف يمرر رسالة إلى الولايات المتحدة وروسيا أيضاً بأن عليهما أن تأخذا في الاعتبار حاجات إسرائيل الأمنية.
وكتب المعلق أليكس فيشمان في صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن القصف، الذي تم صباح السبت يحمل رسالة سياسية حاسمة وحازمة مفادها بأنه "لن تقام أية منشأة عسكرية إيرانية ثابتة في سورية"، وأن إسرائيل انتقلت من مرحلة التهديد إلى الفعل. وأضاف أن الرسالة تقول أيضاً إنه حيال تجاهل روسيا التحذيرات والمطالب الإسرائيلية فإنه "لم يبق أمام إسرائيل سوى استخدام لغة القوة، وينبغي الآن على كل الأطراف الضالعة في وضع تسوية في سورية- السوريون والإيرانيون والروس والأتراك والأميركيون والأوروبيون– أن يتعاملوا مع إسرائيل كجهة مركزية لديها القدرة على التشويش عسكرياً على أية تسوية".
ورأى المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل أن السؤال الأهم هو كيف ستتصرف إيران في المدى البعيد، وهل ستضاعف جهودها للاستقرار في سورية وإنشاء ما تصبو إليه من "هدف إستراتيجي واضح" يتمثل بإنشاء ممر بري يربط بين إيران والعراق وسورية و "حزب الله" في لبنان. وأضاف أنه وإن كانت إيران لا تريد في الوقت الراهن التصعيد العسكري مع إسرائيل لأن ذلك لا يخدمها، "لكن من الواضح أن كلا الطرفين يسير على الحافة، فإيران معنية بمواصلة استقرارها العسكري في سورية، فيما ستواصل إسرائيل شن الغارات المنسوبة لها".
وأشارت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية إلى وجود فارق ملموس بين غارات جنوب دمشق فجر السبت وغارات تل أبيب السابقة على الأراضي السورية. وأوضحت الصحيفة في تقرير أن الغارات الأخيرة، خلافاً عن السابقة، استهدفت، بحسب معلومات إعلامية، موقعاً معروفاً لدى وسائل الإعلام، وهو قاعدة إيرانية قرب بلدة الكسوة التي تبعد نحو 50 كلم من مواقع القوات الإسرائيلية في الجولان.
وذكرت الصحيفة أن محطة "بي بي سي" البريطانية نشرت في 10 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي تقريراً أكدت فيه تطوير طهران لهذه القاعدة، وأثبتت هذه الادعاءات بثلاث صور حصلت عليها من "مصدر استخباراتي غربي"، وقالت إنها التقطت في الأشهر كانون الثاني/يناير، وأيار/مايو، وتشرين الأول/أكتوبر الماضية. ونوّهت "جيروزاليم بوست" بأن تقرير "بي بي سي" جاء بالتزامن مع اللقاء بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب في فيتنام على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ، وبعد يومين من توقيع روسيا والولايات المتحدة والأردن في عمّان على مذكرة المبادئ الخاصة بوقف إطلاق النار جنوب سورية.
وأكد المستشار الخاص السابق في الخارجية الأميركية فريد هوف لمجلة "فورين بوليسي" أن هذه الوثيقة تقضي بسحب المسلحين الأجانب من منطقة خفض التوتر الرابعة (جنوب سورية)، مرجحاً أنها تهدف غالباً إلى طمأنة إسرائيل بأن هؤلاء العناصر لن ينشطوا على مقربة من حدودها، وذلك على خلفية سلسلة تقارير إعلامية وردت من تموز/يوليو حتى تشرين الأول/أكتوبر، تفيد بأن تل أبيب تطالب بضمان عدم اقتراب القوات الإيرانية من الجولان.
وأشارت "جيروزاليم بوست" إلى وجود خلاف في مواقف موسكو وواشنطن في شأن الوجود الإيراني جنوب سورية، إذ أفادت الخارجية الأميركية في 12 تشرين الثاني/نوفمبر، لإسرائيل بأن مذكرة إطلاق النار تقضي بسحب هذه القوات من المناطق المحيطة بالجولان، ثم نفى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ذلك بعد ثلاثة أيام فقط. وذكرت الصحيفة أن القيادة الإسرائيلية أعلنت غير مرة في الآونة الأخيرة أنها لن تسمح لإيران بإنشاء قواعد عسكرية في سورية.
أرسل تعليقك