ظهرت الأزمة بين القائد "الفتحاوي" الأسير مروان البرغوثي والرئيس محمود عباس أمس السبت إلى السطح، إذ نشرت وكالة الأنباء الرسمية "وفا" بيانًا باسم أسرى "فتح" يشكرون فيه عباس على وقوفه إلى جانب إضراب الأسرى عن الطعام، وينتقدون مباشرة البرغوثي على عدم توجيه الشكر إلى الرئيس في بيان سابق حمل اسمه.
وجاء في بيان أسرى "فتح" الذي نشرته وكالة "وفا": "نحن، منذ لحظة اتخاذنا قرار خوض معركة الأمعاء الخاوية... كان رهاننا على قيادتنا وجماهيرنا الفلسطينية البطلة من دون تمييز"، وأضاف: "في هذا البيان الفتحاوي، لا بد لنا أن نؤكد احترامنا الكبير والعظيم للأخ القائد العام لفتح ولرئيس دولتنا الفلسطينية محمود عباس "أبو مازن" لمساندته ووقوفه معنا وإيعازه إلى مؤسساتنا التنظيمية والرسمية في السلطة الوطنية الفلسطينية وسفاراتنا وبعثاتنا الديبلوماسية بدعمنا بالوسائل كافة".
وتابع: "أما بالنسبة إلى الأخ الأسير البطل مروان البرغوثي، ففي الوقت الذي نقدر فيه جميعًا نضالاته، نستهجن ما جاء في البيان الذي نسب إليه، والذي تمت تسميته البيان الأول باسم الأسرى المضربين عن الطعام، والذي تضمن شكرًا لأحرار العالم ولكل من ساند الأسرى، متناسيًا ذكر قيادة الحركة وعلى رأسها الأخ الرئيس أبو مازن".
وفي انتقاد مباشر للبرغوثي، قال البيان: "فلكل جواد كبوة، إذ كان يجب أن يشير إلى أصغر شبل وزهرة، وعلى رأس الجميع قائدنا ووالدنا سيادة الأخ الرئيس أبو مازن الذي لم يدخر جهدًا ووقتًا إلا واستغله في سبيل دعم قضيتنا".
وظهرت الخلافات بين البرغوثي وعباس منذ توزيع المناصب في اللجنة المركزية لحركة "فتح" عقب عقد المؤتمر العام السادس للحركة نهاية العام الماضي، إذ تم استثناء البرغوثي من أي منصب في اللجنة المركزية، علمًا أنه حصل على أعلى الأصوات في المؤتمر.
وطالب أنصار البرغوثي بتوليه منصب نائب رئيس الحركة، لكن عباس واللجنة المركزية كان لهما رأي آخر، إذ تم اختيار محمود العالول لتولي منصب نائب الرئيس، وخرج اعتراض البرغوثي على توزيع المناصب في اللجنة المركزية، في حينه، إلى الرأي العام على شكل بيان أصدرته زوجته المحامية فدوى البرغوثي طالبت فيه اللجنة المركزية بـ "مراجعة" قرارها.
وقالت فدوى في بيانها: "حركة حماس اختارت أسيرًا محررًا هو يحيى السنوار ليقودها في غزة، في حين الأمين عام للجبهة الشعبية أحمد سعدات أيضًا يقبع في زنازين الاحتلال الإسرائيلي، ورغم ذلك تصر اللجنة المركزية للأسف على أن مروان غائب".
واعتبر كثيرون إضراب الأسرى الذي قاده البرغوثي خطوة احتجاجية من جانبه موجهة إلى قيادة "فتح" على تجاهله في توزيع المناصب في اللجنة المركزية، ولقيت دعوة البرغوثي إلى الإضراب المفتوح تجاوبًا في صفوف النواة الصلبة للحركة الأسيرة في السجون، والتي لا تخفي عدم رضاها عن أداء قيادة الحركة والسلطة، واتسمت مشاركة قيادة "فتح" في الفاعليات الشعبية التضامنية مع الأسرى، بالرمزية، وهو ما أثار عدم رضا البرغوثي ومعسكره.
وأجرى مسؤولون في السلطة اتصالات واسعة مع الجانب الإسرائيلي بهدف التوصل إلى اتفاق لإنهاء الإضراب منذ أيامه الأولى، إلا أن البرغوثي ومعسكره اعتبروا هذه الاتصالات محاولة من السلطة لإنهاء الإضراب خشية حدوث تداعيات أمنية وسياسية واسعة في الشارع الفلسطيني أكثر مما هي حرصًا على حياتهم.
ولدى انتهاء الإضراب، صدر بيان عن حملة البرغوثي حمل اسمه، وأشاد فيه بالجهات التي دعمت الإضراب من دون ذكر الرئيس عباس الذي لم يخف غضبه من هذا الموقف، ووجه في الاجتماع الأخير للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير نقدًا حادًا للأصوات التي "اتهمت" القيادة الفلسطينية بالتقصير في مساندة الأسرى المضربين، وقال إن فريقًا من السلطة توصل إلى اتفاق مع الجانب الإسرائيلي في اليوم الخامس عشر من الإضراب، لكن قيادة الإضراب رفضته.
وشهدت قيادة "فتح" في السجون انقسامًا إزاء الإضراب، إذ عارضه عدد من قيادة الحركة ورفض المشاركة فيه، وفي نهاية الإضراب، حدث خلاف بين قيادة الإضراب في شأن الاتفاق المعروض من الجانب الإسرائيلي، إذ أيد فريق التوصل إلى الاتفاق فيما عارضه البرغوثي، لكنه عاد وقبل به خشية حدوث تصدع في قيادة الإضراب.
أرسل تعليقك