بيروت ـ فادي سماحه
تستعد الفصائل الفلسطينية في لبنان خلال أيام إلى الانطلاق مجددًا في مسار العمل المشترك بعد نحو شهرين من قرار فتح تعليق العمل في الأطر الفلسطينية الموحدة نتيجة الخلاف مع "حماس" و7 أشهر من توقف اجتماعات القيادة السياسية ، ونجح رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري مطلع الأسبوع الماضي بدفع الفصائل إلى توقيع "وثيقة الوحدة الوطنية على الساحة اللبنانية" بعد اجتماعات ماراثونية تلت المصالحة التي رعتها حركة أمل بين الطرفين مطلع شهر أغسطس / آب الماضي.
ونصت الوثيقة التي تأتي كنسخة مطورة لما عُرف بـ"المبادرة الموحدة" لحماية الوجود الفلسطيني في لبنان وتعزيز العلاقات اللبنانية الفلسطينية والتي تم توقيعها في عام 2014، على عناوين عدة، أبرزها تحييد الساحة الفلسطينية في لبنان عن أي خلافات وتجاذبات تبعًا إلى خصوصية هذه الساحة، وتفعيل صيغة العمل المشترك الفلسطيني من خلال إطار واحد أطلق عليه اسم "هيئة العمل الفلسطيني المشترك"وفق ما نشرت صحيفة الشرق الأوسط ، ومن المتوقع أن تعقد هذه الهيئة خلال أيام أولى اجتماعاتها، كما أكد أمين سر حركة "فتح" في لبنان فتحي أبو العردات، على أن تكون هذه الاجتماعات دورية وتُعقد شهريًا أو بشكل طارئ بدعوة من أمناء السر، بحسب ممثل حركة "حماس" في لبنان علي بركة.
ويشير بركة أن هذه الهيئة ستتولى القيام بالأعمال السياسية والأمنية والاجتماعية الخاصة باللاجئين الفلسطينيين في لبنان على أن تكون المرجعية الموحدة وتتعاون مع السفير الفلسطيني وتجتمع في السفارة في بيروت أو في أي من مكاتب الفصائل ، لافتًا في تصريح إلى "الشرق الأوسط" ، أن أمين سر حركة "فتح" سيكون أمين سر هذه الهيئة، على أن يكون نائبه أمين سر تحالف القوى الفلسطينية ، ويضيف بركة "هذه الهيئة ستضم الفصائل نفسها التي كانت ممثلة بالقيادة السياسية المشتركة، أي بالتحديد ممثلين عن 20 فصيلًا وستعمل على وضع الخطط والبرامج، وتشكل لجانًا وأطرًا فرعية في المناطق وعلى المستوى المركزي، على أن يكون أحد أبرز أهدافها تطوير العلاقات اللبنانية الفلسطينية، بلورة موقف فلسطيني موحد من التحديات الكبيرة التي تواجه اللاجئين، وأبرزها قرار واشنطن وقف تمويل الأونروا، إضافة إلى السعي إلى إقرار حقي العمل والتملك للاجئين الفلسطينيين في لبنان".
ويبدو أن الوثيقة التي وقعتها الفصائل أخيرًا عالجت الأسباب التي أدت إلى تعليق العمل المشترك، وهو ما أشار إليه أبو العردات في تصريح إلى "الشرق الأوسط"، لافتًا إلى أنه "في المرحلة الماضية كانت هناك نجاحات وإخفاقات، وقد حرصنا على أخذ العبر والدروس، وعلى معالجة هذه الإخفاقات التي كانت بمعظمها إدارية - تنظيمية مرتبطة بشكل أساسي بخفض بعض الفصائل مستوى التمثيل الذي كان يتوجب أن يكون دائمًا من الصف الأول، إضافة إلى عدم الجدية بمتابعة القرارات المتخذة، ما كان يؤدي لإلقاء المسؤولية على فريق واحد"، ويضيف أبو العردات "كما تم الاتفاق على وقف الحملات الإعلامية والامتناع عن إعطاء أي تصاريح أو الإدلاء بأي موقف يمس الرموز الوطنية الفلسطينية".
ويشدد أبو العردات على أنه وفي ظل التحديات الجمة المقبلة وأبرزها محاولات إنهاء دور "أونروا" التي سيكون لها انعكاسات كارثية، ليس فقط على اللاجئين وإنما على الدول التي تستضيفهم أيضًا وأبرزها لبنان، فإن المطلوب توحيد الموقف والصف الفلسطيني من خلال الانكباب على تأمين حماية الوجود الفلسطيني وتعزيز استقرار المخيمات وإبعادها عن التجاذبات السياسية، نظرًا إلى خصوصية الساحة اللبنانية، إضافة لتعزيز العلاقات - الفلسطينية اللبنانية والتعاون السياسي والأمني بين الطرفين.
ويُجمع أبو العردات وبركة على خطورة وصعوبة المرحلة المقبلة، ما يستدعي برأيهما بلورة موقف فلسطيني موحد من كل القضايا ، ويعتبر أبو العردات أن انتهاء موارد "أونروا" نهاية الشهر الجاري وعدم تأمين رواتب آلاف الموظفين في الوكالة، ستكون له نتائج خطيرة جدًا، يتوجب تداركها حرصًا على المخيمات كما على الدول التي تستضيفهم ، وقد أثار قرار واشنطن وقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" استياء عارمًا في لبنان مع تصاعد المخاوف من انعكاسات سلبية على الاستقرار الداخلي في حال اضطرار الوكالة إلى تقليص خدماتها التي يستفيد منها آلاف اللاجئين الفلسطينيين الذين يرزحون أصلًا تحت وضع صعب في 12 مخيمًا في كل المحافظات اللبنانية.
أرسل تعليقك