هاجمت قوات الاحتلال الإسرائيلي بقوة متضامنين وسكان في منطقة الخان الأحمر، القريبة من القدس، في أول تحرك فعلي نحو هدم الحي الذي يأوي نحو 200 بدوي، واقتحمت القوات مصحوبة بآليات ضخمة، المنطقة التي يخيّم فيها متضامنون عرب وأجانب، منذ نحو أسبوعين؛ لمنع إسرائيل من تنفيذ قرار سابق بإخلاء المنطقة.
واشتبك أفراد الأمن الإسرائيلي مع المتضامنين الذي تعرضوا للضرب المبرح والسحل، بما في ذلك النساء وسكان المنطقة، قبل أن يتم اعتقال بعضهم، فيما قال الهلال الأحمر الفلسطيني، إن طواقمه تعاملت مع 35 إصابة، نُقل منهم 4 إلى المستشفيات.
وجاء الهجوم الإسرائيلي الأول، بعد يوم من تسليم سكان "الخان" أمرًا بطردهم، ويشمل كذلك قرارًا بالسيطرة على الطرق المؤدية إلى هذه المنطقة، وقالت منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية المناهضة للاحتلال، إن الجيش الإسرائيلي نشر آليات ثقيلة حول القرية؛ مما عزز مخاوف السكان من أن تكون هذه الإجراءات استعدادات لهدم منازلهم، وأوضح أميت غيلوتز، الناطق باسم المنظمة: "لقد شرعوا بأشغال أساسية لتسهيل عمليات الهدم وطرد السكان".
وفي محاولة لمنع تقدم الآليات الثقيلة، شكّل المتضامنون سلاسل بشرية على الأرض، واعتلوا أذرع الآليات لمنعها من العمل والتقدم، قبل أن يشتبكوا مع قوات الاحتلال وجها لوجه، لكن فيما كانت الاشتباكات مشتعلة في منطقة الخان، هدمت إسرائيل مساكن في تجمع أبو نوار البدوي القريب، شرقي بلدة العيزرية.
والإصرار الإسرائيلي على هدم المنطقة، جاء على الرغم من اتهام السلطة لإسرائيل بشن "عمليات تطهير عرقي" في المنطقة التي تعتبر بدوية، تقع على الطريق السريعة 1 قرب مستوطنتي معاليه أدوميم وكفار أدوميم، القريبتين من القدس، ويعيش فيها نحو 35 عائلة من البدو في خيام وأكواخ، ووصل سكان المنطقة إليها قادمين من صحراء النقب، في عام 1953، وظلوا يعيشون في ظروف تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة حتى قررت إسرائيل طردهم قبل أكثر من 10 أعوام.
ويخوض البدو في المنطقة مواجهة سلمية منذ عام 2009 ضد أوامر سابقة بالهدم، لكن المحكمة الإسرائيلية العليا ردت التماساتهم نهاية مايو (أيار) الماضي، وأيدت قرار الهدم، وأعطت الدولة حرية اختيار توقيت تنفيذ ذلك. ورفض قضاة العليا التماسين ضد أوامر الهدم تقدم بهما سكان القرية نفسها، وذوو الطلاب الذين يأتون للدراسة في مدرسة القرية من التجمعات الفلسطينية البدوية القريبة من المنطقة.
ويدور الحديث عن ترحيل 200 بدوي على الأقل من أراضيهم، ومنع مئات الطلبة من تجمعات قريبة من الاستفادة من المدرسة التي بينت في القرية قبل سنوات.
وقال أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، إن إسرائيل تنفذ في المنطقة جريمة حرب، وتطهير عرقي، وأضاف "أن ما تقوم به سلطات الاحتلال في الخان الأحمر وتجمع أبو نوار والتجمعات البدوية، هو سرقة جديدة ضد أراضي الدولة الفلسطينية، يرتكبها الاحتلال بدعم أميركي؛ وذلك لتنفيذ المشروع الاستيطاني المسمى (إي – 1)"، وتابع "أن قيام سلطات الاحتلال بفرض حصار على المنطقة والاعتداء على النشطاء والأهالي، جريمة جديدة تضاف إلى سجل الاحتلال الإجرامي، وإرهاب الدولة المنظم الذي يمارسه ضد أبناء الشعب، وإن هذه الأراضي التي يحاول الاحتلال سرقتها والاستيلاء عليها مملوكة بالكامل ومسجلة في (الطابو) لأهل بلدة عناتا، ويسكنها 181 شخصًا أكثر من نصفهم من الأطفال".
ويهدف المشروع الاستيطاني المعروف بـ"إي - 1" إلى الاستيلاء على 12 ألف دونم، ممتدّة من أراضي القدس الشرقية حتى البحر الميت، لغرض توسيع المستوطنات في محيط القدس، وربطها ببعضها بعضًا، مشكّلة حزامًا استيطانيًا من شأنه فصل شمال الضفة عن جنوبها.
وأعلنت السلطة، أن إقامة المشروع ستعني نهاية حل الدولتين، وبالتالي نهاية عملية السلام، بينما رفضت الولايات المتحدة إبان الإدارة السابقة، برئاسة باراك أوباما، المشروع، كما رفضه الاتحاد الأوروبي، وناشد وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط أليستر بورت، الذي زار القرية في مايو/ أيار، إسرائيل ضبط النفس. وأوضح أن أي إعادة إسكان لأبناء خان الأحمر بالقوة في مكان آخر، "يمكن اعتباره في نظر الأمم المتحدة عملية تهجير قسري"، وهو أمر تحظره معاهدة جنيف.
وبالنظر إلى تجارب سابقة، فإن الشرطة الإسرائيلية ستفتعل مواجهات صغيرة عدة قبل أن تقتحم المنطقة بشكل واسع لهدمها نهائيًا، في حين قالت الحكومة الفلسطينية أمس، إن الإصرار على الإخلاء القسري للأهالي وطردهم من منطقتي الخان الأحمر وأبو نوار، يعدُّ استمرارًا لتنفيذ جرائم التهجير الرهيبة التي انتهجتها إسرائيل منذ عام النكبة الأسود، وطالبت الحكومة المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية الدولية بالتدخل لحماية قوانينها ومنع الاحتلال من مواصلة اعتداءاته.
وطالبت حركة "فتح" العالم بأسره بالتدخل الفوري "لوقف المجزرة والمحرقة الجديدة التي ترتكبها سلطات الاحتلال في الخان الأحمر بحق السكان الأصليين"، ووصفت ما يجري "بجريمة تطهير عرقي وحرب إبادة ضد الشعب في كل أماكن تواجده، وفي هذه الأثناء في الخان الأحمر وسكانه المتمسكين بتراب الأرض وموطنهم"، كما دعت الحركة جميع أبناء الشعب، للمشاركة الفاعلة في المقاومة الشعبية ضد الاحتلال، الذي يسعى جاهدًا لكسر الإرادة وتصفية القضية، وتحويل الصراع من سياسي وحقوق قانونية وتقرير المصير إلى مساعدات إنساني.
أرسل تعليقك