واشنطن ـ رولا عيسى
كانت رسالة المبعوث الأميركي للتحالف الدولي ضد "داعش" بريت ماغورك إلى أعضاء التحالف واضحة: "على أعضاء التحالف المشاركة في حمل العبء عسكرًا وماليًا شمال شرقي سورية",أي توفير نحو 300 مليون دولار أميركي، ونشر وحدات من القوات الخاصة لملء الفراغ لدى الانسحاب التدرجي للقوات الأميركية.
واستضافت بروكسل قبل يومين مؤتمرًا وزاريًا للدول الأعضاء في التحالف الدولي، على هامش اجتماع قمة "حلف شمال الأطلسي" ناتو. والرسالة الأميركية واحدة في الاجتماعين، مفادها ضرورة "المشاركة في حمل العبء العسكري والمالي".
وقالت مصادر دبلوماسية غربية ,بعث ماغورك رسالة خطّية تحضيرًا للمؤتمر الوزاري، بالإضافة إلى لقائه ممثلي الدول الأعضاء في بروكسل.
وأوضحت أن الموقف الأميركي يقوم على أن الرئيس دونالد ترامب بصدد اتخاذ قرار في بداية نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، موعد الانتخابات النصفية للكونغرس، يعلن فيه الانسحاب التدرجي من شمال شرقي سورية ضمن مدة قد تستمر 8 أشهر.
وأراد ترمب في الربيع الماضي "انسحابًا فوريًا"، لكن نصائح مستشاريه وحلفائه أدت إلى نقل الحديث من "انسحاب فوري" إلى "انسحاب مشروط" مرتبط بأمرين: الأول، القضاء الكامل على تنظيم "داعش" في جيوبه الأخيرة قرب الحدود السورية – العراقية، والتأكد من أن "داعش" لن يعود إلى الظهور مرة ثانية. والآخر هو الوجود الإيراني، إذ يقول مسؤولون أميركيون وحلفاء لواشنطن إن الوجود الأميركي شمال شرقي سورية يقطع الطريق البري بين طهران ودمشق ويقلص نفوذ إيران في المنطقة.
و ظهر عرض جديد لقمة تجمع ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي الأحد، يقوم على ربط الانسحاب الأميركي من شمال شرقي سورية وتفكيك قاعدة التنف في زاوية الحدود السورية - العراقية - الأردنية بإخراج إيران بشكل كامل من سورية بدءً من إبعادها عسكرياً 80 كيلومترًا من خط فك الاشتباك في الجولان، أي إلى وراء دمشق.
و جاءت رسالة ماغورك إلى أعضاء التحالف بحضهم على ضرورة زيادة المساهمة في استقرار شمال شرقي سورية ودفع 300 مليون دولار أميركي، علماً بأن المؤتمر الأخير للتحالف في المغرب تضمن إعلان سداد الأعضاء 90 مليون دولار. كما أكد الجانب الأميركي في لقاءاته في بروكسل ضرورة مساهمة جميع الدول الأعضاء في المساهمة العسكرية.
وزادت فرنسا وبريطانيا وإيطاليا بناءً على مطالب ترمب، من وجود قواتها الخاصة ضمن التحالف الدولي لتعجيل القضاء على "داعش" والمساهمة في حمل العبء العسكري والمالي، إضافة إقناع ترمب بإمكانية تمديد بقاء القوات الأميركية لاستخدام ذلك ورقة تفاوض مع الروس بحثاً عن حل سياسي في سورية والضغط لإخراج إيران أو تقليص دورها. وبقيت دول كبيرة تطرح أسئلة عن جدوى ذلك في حال قررت أميركا سحب جنودها الألفين ورفعت الغطاء الجوي الموجود.
وبدأت أن وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) دراسات لتعريف الانسحاب العسكري، بحيث يتضمن تقليص الوجود الأميركي، وزيادة وجود الحلفاء، مع احتمال بقاء رمزي لقوات جوية لتشجيع دول أخرى على البقاء في الأرض.
وأفاد بيان أميركي بأن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو استضاف نظراءه في التحالف، حيث "رحب الوزراء بالجهود المتواصلة والتقدم الذي تحرزه قوات سوريا الديمقراطية لتحرير جيوب "داعش" شرق سورية ومواصلة قوات سورية الديمقراطية العمل مع التحالف وشركائه على الأرض للتخلص من آثار سيطرة "داعش" وتأمين الحدود السورية - العراقية".
وزاد"استغل تنظيم داعش تاريخيًا طرق العبور على طول الحدود العراقية – السورية، وعلينا أن نواصل التخلص من هذا التنظيم والشبكات الأخرى العابرة للحدود لضمان الهزيمة الدائمة لـ"داعش""، مؤكدًا "لا تزال برامج إرساء الاستقرار الممولة من التحالف أساسية لضمان تحقيق مكاسب عسكرية وستبقى جزءً لا يتجزأ من إرساء استقرار التضاريس المحررة ومعالجة عوامل التطرف". وشدد بومبيو على "الحاجة الملحّة إلى المساعدة لإرساء الاستقرار للحفاظ على هذا السجل من النجاحات". و حض بومبيو المفوضة العليا للسياسة الخارجية والأمن للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني، على مواجهة "الأخطار المتنامية التي يفرضها النفوذ الإيراني الخبيث عبر الشرق الأوسط".
ويُعتقد أن قمة ترمب - بوتين في هلسنكي، بعد غدٍ (الاثنين)، ستكون حاسمة إزاء الموقف من الوجود الأميركي وإخراج إيران، إضافة إلى أفق العملية السياسية. إذ يراهن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا على دينامية سياسية تسمح بتحقيق اختراق خلال اجتماعات منفصلة لمجموعتي "ضامني آستانة" و"الدول الست ومصر" في جنيف نهاية الشهر، ولقاء آخر في سوتشي في 30 و31 الشهر الجاري، يؤدي إلى تشكيل لجنة دستورية ثلاثية (حكومة، معارضة، مجتمع مدني) تبحث في الإصلاحات الدستورية تمهيدًا لانتخابات رئاسية وبرلمانية في 2021.
أرسل تعليقك