أرادت الجاسوسة الروسية ماريا بوتينا، التي كانت متواجدة في فندق لاس فيغاس، في يوليو/ تموز 2015، أن تسأل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، والذي كان يجهز لحملته الانتخابية آنذاك، بعلاقة الولايات المتحدة ببلادها روسيا، وكان لدى ترامب حينها أخبار جيدة، حيث قال "أعتقد أنني سأتوافق بشكل جيد مع بوتين". وسعت وراء معرفة المزيد عن العلاقات الروسية –الأميركية، حيث توجهت إلى نيفادا؛ لحضور مؤتمر يجمع الليبراليين بالمحافظين، ووفقاً للمدعين العامين الأميركيين ، فإن فضول بوتينا الوطني قد تطور قبل ذلك إلى بدايات مؤامرة إجرامية.
ومثلت بوتينا أمام المحكمة في واشنطن يوم الأثنين بتهمة العمل كعميل سري للكرملين، وهي متهمة بالعمل على التسلل إلى جمعية البندقية الوطنية (NRA) في محاولة للتأثير على الحزب الجمهوري، وفي نهاية المطاف، حكومة الولايات المتحدة. وقال أحد عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي قام بالتحقيق مع بوتينا، إنها حاولت تطوير قنوات خلفية سرية مع سياسيين أميركيين يمكن أن "تخترق جهاز صنع القرار الوطني الأميركي لدفع أجندة الاتحاد الروسي".
وقالت محاميها، روبرت دريسكول، إنها خريجة كلية شرعية ورائدة أعمال طامحة تصادف أنها روسية، مضيفة "تعتزم الدفاع عن حقوقها بقوة وتتطلع إلى تطهير اسمها". وتفتح هذه الاتهامات جبهة جديدة في الجهود التي تبذلها وزارة العدل لمواجهة الاضطرابات الروسية في السياسة الأميركية، وتشير إلى أن شركاء بوتينا الأميركيين قد يتعرضون للخطر، وربما يتم سجن بوتينا 5 سنوات.
وأثار توقيت إلقاء القبض على بوتينا جدلًا واسعًا لدى الروس الذين أجمعوا على أنه لم يأت بمحض الصدفة، خاصة وأنه تم يوم انعقاد أول قمة بين الرئيسين الروسي بوتين والأميركي ترامب، ليس هذا فحسب، بل أرجع البعض أن اختيار توقيت القبض عليها يأتي أيضا في إطار وجود شبهة قرابة بينها، وبين الرئيس الروسي نتيجة تقارب الأسماء.
وحسبما جاء في بيان وزارة العدل الأميركية، فإن الطالبة الروسية تعمل لصالح مسؤول رفيع في الحكومة الروسية، تولى في وقت لاحق منصبا هاما في البنك المركزي الروسي، وأشارت الوزارة إلى أن هذا المسؤول مدرج على قامة العقوبات الأمريكية ضد روسيا منذ أبريل/ نيسان عام 2018.
وأضافت وزارة العدل، أن ماريا بوتينا، 29 عاما، كانت موجودة على الأراضي الأميركية بتأشيرة دخول دراسية، ومارست نشاطها لصالح روسيا دون أن تسجل نفسها كعميل أجنبي لدى الوزارة.
وتواجه المواطنة الروسية حسب القوانين الأميركية، عقوبة بالسجن 5 سنوات، وستنظر محكمة مقاطعة كولومبيا في قضيتها يوم 18 يوليو/ تنوز، وحتى ذلك اليوم ستبقى المواطنة قيد الاعتقال. وأمضت بوتينا خمس سنوات في بناء العلاقات مع الناشطين الجمهوريين ونشطاء حقوق السلاح والقادة الدينيين، والتقطت صوراً مع مرشحين رئاسيين جمهوريين وساعدت في جلب مسؤولين من الهيئة إلى موسكو، وفي عالم المؤتمرات الشعرية الذي يهيمن عليه الذكور، ظهرت بوتينا، كما أنها دخلت عالم السلاح.
وقالت بوتينا إنها نشأت في سيبيريا، حيث قدمها والدها إلى البنادق وعلمتها إطلاق النار، بعد الكلية، وقالت إنها أسست سلسلة من متاجر الأثاث، ثم انتقلت إلى موسكو، حيث قالت إنها تدير شركة إعلانات. ومن الواضح أن بوتينا كانت تعرف كيف تتعامل مع الأسلحة النارية، ولكن لا يبدو أن هناك جوانب أخرى من سيرتها الذاتية، كما يقول أحد النشطاء، وحينما سُئل عن الوثائق الرسمية الأساسية لجماعتها الروسية المدافعة عن السلاح، قال الناشط، لم تقدم بوتينا أي وثائق.
وجاء الاعتقال أيضا بعد أيام من اتهام وزارة العدل لـ 12 من ضباط المخابرات العسكرية الروسية بقرصنة البريد الالكترونبي لعدد من مسؤولي الحزب الديمقراطيين خلال الانتخابات الأميركية لعام 2016.
ما هي التهمة؟
لكن الموظف الخاص في مكتب التحقيقات الفيدرالي كيفين هيلسون قال "إن مهمة بوتينا كانت استغلال العلاقات الشخصية مع السياسيين الأميركيين الذين لهم تأثير في السياسة الأميركية في محاولة منها لدفع مصالح الاتحاد الروسي". وقد فعلت ذلك دون تسجيل أنشطتها مع حكومة الولايات المتحدة، كما يجب بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب على حد قول المدّعين العامين.
وسعت بوتينا إلى تعزيز العلاقات مع "منظمة تروج لحق امتلاك السلاح" حسب ما أعلنت وزارة العدل الأميركية، دون تسمية أي مجموعة أو اسم أي سياسي، ووفقاً للوزارة، كانت بوتينا تحاول "إنشاء قناة خلفية لممثلي حكومة روسيا". وجاء في الادعاء المقدم ضدها إنها كانت تحاول تطوير علاقاتها الشخصية مع السياسيين الأميركيين ذوي النفوذ من أجل "تعزيز مصلحة" روسيا.
وأبلغت بوتينا مسؤوليها في الحكومة الروسية عن تقدمها باستخدام رسائل تويتر مباشرة من بين وسائل أخرى عديدة، بحسب ما جاء في الشكوى. وكانت إحدى الردود من قبل المسؤول الروسي إلى بوتينا تقول "لقد صعد نجمك السياسي في السماء، والآن من المهم أن نصل إلى قمة الأفق ولا نحترق قبل الأوان". وفرضت الولايات المتحدة مؤخرًا عقوبات على المسؤول الروسي الذي لم يُكشف عن اسمه.
وبدأت بوتينا في إنشاء الاتصالات الأميركية في عام 2013، حينها ظهر جون بولتون، مستشار ترامب للأمن القومي الآن، وفي فيديو روسي خاص بحقوق السلاح، استخدمته جماعة بوتينا، "الحق في حمل السلاح"، في ممارسة الضغط في روسيا. وبحسب ما ورد طُلب من بولتون أن يظهر في شريط الفيديو من قبل ديفيد كين ، وهو رئيس حديث لـ NRA ، وفي أبريل/ نيسان 2014، سافرت بوتينا إلى إنديانابوليس من أجل مؤتمر هيئة الموارد الطبيعية. تظهر الصور المنشورة على صفحتها على الشبكة الاجتماعية الروسية VK أنها تحدثت مع واين لابيير، نائب رئيس NRA المشاكس، إلى جانب الجمهوريين من الوزن الثقيل بما في ذلك بوبي جندال، الذي كان حينذاك حاكم ولاية لويزيانا، وريك سانتوروم، وهو سيناتور أميركي سابق ومرشح للرئاسة.
وفي سبتمبر/ أيلول من هذا العام، دعت بوتينا، بول إريكسون، وهو عضو سياسي محافظ ومحارب قديم في NRA من ولاية ساوث داكوتا، لمخاطبة مجموعتها المدافعة عن حقوق الإنسان في موسكو، وبعد مرور ستة أشهر، وفقا لمسؤولين أميركيين، بعثت بالبريد إلى ناشط سياسي أميركي غير معروف، ولكنها بعد ذلك عادت إلى إريكسون.
أرسل تعليقك