القدس المحتلة ـ ناصر الأسعد
أعلنت عائلة الجندي الأسير الإسرائيلي، هدار غولدين الذي تحتجز "حماس" جثمانه وجثمان صديقه شاؤول آرون، التوجه إلى محكمة العدل العليا في القدس الغربية، للمطالبة بتجميد الاتفاق واشتراط تنفيذه بزيادة الضغط على "حماس" باستخدام وسائل عسكرية وغيرها.
وقال سمحا غولدن، والد هدار، إن اللجنة الوزارية لشؤون الأسرى والمفقودين التي عُيّنت قبل نحو عامين في ظل الاتفاق مع تركيا، لم تلتئم أبدًا، وأضاف "الآن بعد أن قررت الحكومة التخلي عنا ثانية، في إطار اتفاق مع حماس تدفعه قدمًا، نطالب المحكمة العليا بمساعدتنا".
وأكد أن "حماس" نجحت في التهرب من مسألة إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين بسبب عجز رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزراء "الكابنيت" (الحكومة المصغرة)، عن دفع الحركة إلى تغيير موقفها، وبحث "الكابنيت" هذه المسألة، مطولًا في جلسته الأسبوعية، الأربعاء، لكنه لم يخرج بنتيجة، وقرر تجاهل تهديد عائلتي الجنديين والاستمرار في "امتحان الاتفاق" من دون الاعتراف بوجوده.
وأكد رئيس لجنة تنسيق إدخال البضائع إلى القطاع في السلطة الفلسطينية رائد فتوح، فتح معبر كرم أبو سالم بعد إغلاقه أشهرًا وإدخال شاحنات محملة بضائع، بث وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، رسالة صوتية مترجمة إلى اللغة العربية وموجهة إلى أهالي قطاع غزة، قائلًا إن العنف لا يجدي نفعًا، في حين يجلب الهدوء المنفعة.
وأوضح أنه إذا نعمت إسرائيل بالهدوء والأمن، فإن ذلك سينطبق عليهم، لكنهم سيخسرون في حال خرق الهدوء، وأكد ليبرمان أنه يميز بين قيادة "حماس" والسكان في غزة.
وأضاف ليبرمان في الرسالة التي نشرها موقع منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية، أن إسرائيل ليست المشكلة بالنسبة للغزاويين، بل الحل، مشيرًا إلى أن تسعين ألفًا من سكان القطاع عملوا في إسرائيل قبل اتفاق أوسلو، ورأى أن قطاع غزة يمكن أن يصبح سنغافورة الشرق الأوسط في حال تخلص الغزاويون من حكم "حماس" وسياستها، وشدد ليبرمان على أن اتفاق التهدئة طويل الأمد يجب أن يتضمن أولًا ملف الأسرى والمفقودين الإسرائيليين، منوهًا مع ذلك بأن التطورات الميدانية هي التي ستحدد بشكل قاطع مستقبل العلاقات بين الطرفين، وحذر ليبرمان من أنه إذا اختارت "حماس" العنف، فإن إسرائيل سترد بقوة أكبر عما كان عليه الوضع في المرات السابقة.
وكان وزراء اليمين المتطرف، وفي مقدمهم وزير المعارف ورئيس حزب المستوطنين "البيت اليهودي" نفتالي بنيت، هاجموا هم أيضًا الاتفاق مع "حماس"، لأنه لا يتضمن إعادة الأسرى الإسرائيليين، وهم جنديان يعتقد أنهما قتيلان من حرب 2014 ومدنيون ثلاثة، أحدهم من أصل إثيوبي ومواطنان من فلسطينيي 48، وجرى تراشق الاتهامات بين بنيت وليبرمان حول هذه المسألة.
ويشير الخبراء والمحللون في تل أبيب إلى أن القيادتين السياسية والعسكرية في إسرائيل معنيتان باتفاق التهدئة مع حركة "حماس"، في هذا التوقيت تحديدًا، وتحتاجان إليه مثلما تحتاج إليه قيادة الحركة، فرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يدرس إمكانية التوجه إلى انتخابات مبكرة خلال بضعة شهور، إضافة إلى أنه لا يوجد هناك أي هدف محدد لمواصلة التصعيد وإعلان حرب على القطاع، في حين أن الجيش الإسرائيلي يحتاج، بحسب تقارير أمنية، إلى كسب الوقت لاستكمال بناء حاجز على طول الحدود مع قطاع غزة لمواجهة خطر الأنفاق، كما أن "حماس" من جهتها معنية بتخفيف الحصار الخانق على القطاع، خوفًا من غضب السكان الذين يتهمونها بالفشل في توفير حياة طبيعية لهم، وتريد علاوة على ذلك أن تحظى بدور كلاعب مهم في الاتفاقيات الإقليمية، وقد اختار الطرفان التوصل إلى "تسوية صغيرة"؛ لأن كلًا منهم يواجه انتقادات شديدة.
وأما بخصوص صفقة تبادل أسرى، فإن هناك هوة سحيقة بين الطرفين، فحركة حماس مصرّة على إطلاق سراح عشرات الأسرى الذين أعاد الاحتلال اعتقالهم بعد الإفراج عنهم في صفقة تبادل الأسرى الأخيرة، وذلك لكي تبدأ المفاوضات، وإطلاق سراح مئات الأسرى بانتهاء المفاوضات، في حين أن إسرائيل تعارض إطلاق سراح أسرى الحركة قبل المفاوضات وتطالب بمفاوضات مباشرة بلا شروط، كما أن هناك مشكلة أخرى تعترض طريق التوصل لاتفاق شامل، ألا وهي مكانة السلطة الفلسطينية، حيث إن مصر تسعى لربط التهدئة بموضوع المصالحة الفلسطينية، مشيرًا إلى معارضة السلطة الفلسطينية ومساهمتها في زيادة حدة التوتر في قطاع غزة بسبب العقوبات التي اتخذتها ضد غزة، وفي الوقت الحاضر، تحاول إسرائيل كسب الوقت لاستكمال الحاجز الذي تبنيه تحت الأرض على طول الحدود مع قطاع غزة لمواجهة الأنفاق الهجومية، والذي ينتهي العمل فيه نهاية عام 2019.
أرسل تعليقك