غزة – محمد حبيب
كشف إسقاط سلاح الجو التركي للطائرة الروسية المقاتلة مثلث العلاقات بين تركيا وروسيا وإسرائيل بشكل أوضح، ويظهر من تغطية وسائل الإعلام الإسرائيلية لحادثة إسقاط الطائرة الروسية وقوف إسرائيل إلى جانب روسيا ضد تركيا، رغم التوجس الإسرائيلي من التواجد العسكري الروسي في سورية.
ويلفت الانتباه تصريحات ضابط كبير في سلاح الجو الإسرائيلي، حيث قال للمراسلين العسكريين إن السياسة الرسمية للجيش الإسرائيلي هي عدم إسقاط طائرة روسية حتى لو دخلت المجال الجوي الإسرائيلي، مؤكدًا أن روسيا ليست عدوًا لإسرائيل، وأن التنسيق جار بين الجيشين الروسي والإسرائيلي.
وألمح الضابط إلى أن الطيران الحربي الإسرائيلي لن يوقف غاراته التي يشنها بين حين وآخر في الأراضي السورية، علمًا بأنه يسود في إسرائيل توجس حيال روسيا في أعقاب نصبها منظومة "إس-400" الصاروخية المضادة للطائرات لأن راداراتها قادرة على رصد حركة الطيران، المدني والحربي، في إسرائيل.
ويؤكد هذا التحيز الإسرائيلي لروسيا، ما كتبه المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس، عاموس هرئيل" الجمعة، بأنه في إسرائيل يشككون في ما إذا كان إسقاط الطائرة الروسية ضروريًا.
ويبدو أن هذا الأمر نابع بالأساس من الخصومة الجذرية بين زعيمين قويين، فلاديمير بوتين في روسيا ورجب طيب أردوغان في تركيا، ومن عداوة إقليمية طويلة، وثمة من يصفها بأنها مواجهة تدور منذ ألف عام.
ولا يعكس هذا الكلام حقيقة علاقة إسرائيل مع روسيا، فمنذ انهيار الاتحاد السوفييتي أصبحت هذه العلاقات قوية، رغم الحذر الإسرائيلي من إغضاب الولايات المتحدة، لكن في جميع الأحوال لم تحاول إسرائيل استفزاز روسيا، واللافت أنه في كل مرة تكون هناك حاجة إلى استفسار إسرائيلي لأمر مهم، يقوم رئيس الحكومة بنفسه بزيارة موسكو.
ويبدو أن الإسرائيليين يتفهمون تكثيف روسيا من تواجدها العسكري في سورية، وأوضح الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عاموس يدلين لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، في عددها الصادر السبت، أن الروس رؤوا أن الأميركيين أخرجوهم من كل الأماكن في الشرق الأوسط، من مصر والعراق وليبيا، التي أصبحت حليفة لأميركا، وعمليًا الروس يقولون الآن: "حتى هنا، لن تأخذوا سورية منا".
وامتدح رئيس الموساد الأسبق أفرايم هليفي، أداء بوتين وقال إن تأثير الأعوام التي قضاها في الاستخبارات السوفييتية بادية عليه، وكان ضابط مخابرات ممتازًا.
وأفادت "يديعوت أحرونوت" بأن بوتين يحظى بإعجاب كبير في إسرائيل، وخصوصًا بين أوساط المهاجرين الروس، الذين يزيد عددهم عن المليون نسمة.
وفي مقابل ذلك، فإن الأزمة الروسية التركية الحالية تأتي في فترة تستمر فيها الأزمة الدبلوماسية العميقة جدًا بين إسرائيل وتركيا، والتي بدأت أثناء العدوان الإسرائيلي على غزة نهاية العام 2008، وتفاقمت بشكل كبير بعد اعتراض أسطول الحرية في أيار / مايو 2010.
وبشكل عام، تجمع التحليلات والدراسات، ليس في إسرائيل فقط، على أن العلاقة بين إسرائيل وتركيا تحكمها العلاقة بين إسرائيل والفلسطينيين، وفي حال تدهور هذه العلاقة الأخيرة تتدهور معها العلاقة التركية الإسرائيلية.
أرسل تعليقك