لندن - سليم كرم
قضت محكمة بريطانية بسجن مقاتل سابق، يطلق على نفسه لقب سوبرمان، سبعة اعوام؛ لاتهامه بالإعداد لأعمال متطرفة، وذلك بعدما عاد أخيرًا إلى البلاد قادمًا من سورية، حيث كان يقاتل ضمن صفوف "داعش" .
وسافر المقاتل، الذي يُدعى "محمد الدين علي"، إلى سورية في 4 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي للانضمام إلى داعش والقتال معه، ولكن أسلوب الحياة في "الخلافة المزعومة" لم يرق له فقرر الهروب وقطع الحدود السورية التركية عائدًا إلى بلاده في 12 كانون الأول/ديسمبر، حيث احتجزته السلطات التركية لأنه لم يمتلك أيّة وثائق للسفر، ثم حوِّل إلى ضباط وحدة مكافحة التطرف التي أرسلته إلى بريطانيا في 22 كانون الأول/ديسمبر".
وخيّبت الحياة في الشرق الأوسط آمال محمد الدين، الذي كان على اتصال دائم مع صديق له في بريطانيا، والذي كان يتحضر بدوره للسفر إلى سورية للانضمام إلى داعش، إلا أن الشرطة داهمت منزله في بيدفورد واعتقلته، وأرسل محمد لصديقه هذا رسالة بعد أقل من أسبوعين على مغادرته بريطانيا كتب له فيها "صديقي لقد كان من السهل الدخول إلى سورية، لاسيما في النهار واستطعنا عبور الحدود بلا عجلة، لا تقلق من المجئ إلى هنا.
وتابع: عندما تعبر الحدود فإن الرجال يصطحبونك إلى مكان مشترك تتشارك فيه مع مجموعة أخرى من الرجال القساة، وأنصحك في هذا الطقس أن تجلب معك المزيد من الملابس، وحضر نفسك لاستخدام الماء البارد فقط وانعدام الكهرباء، واستعمال مراحيض مشتركة غير نظيفة، قبل أن تنقل إلى معسكر التدريب الذي يتطلب الكثير من الصبر مع رجال أشداء.
وأضاف محمد: ابدأ بتناول كميات صغيرة من الطعام لتعتاد على ذلك لأنك ستتقاسم طعامك القليل هنا مع أشخاص آخرين، وسيكون الوضع أحسن في المعسكر، وعليك أن تختار إلى أي مكان تريد أن تتوجه، فأنا اخترت حلب وأنا في بلدة صغيرة تسمى منبج ليس فيها الكثير من الأحداث والحياة هنا طبيعية إلى حد ما.
وشكا الرجل الى صديقه من عدم قدرته على الذهاب إلى الرقة؛ نظرا لارتفاع الطلب عليها وقلة الأماكن فيها للمقاتلين، وأشار "إذا كنت تخطط للذهاب إلى الرقة فانسى ذلك"، وسأله صديقه ردًا على هذه الرسالة "أي مكان أستطيع أن أحصل فيه على الشهادة بسرعة إنها حلمي".
وبدأت تتنامى مع الوقت خيبة أمل "سوبرمان" من الحياة في سورية، وكتب مرة أخرى لصديقه "أريد أن أغادر هذا المكان فورًا، لقد اكتفيت منه، هذا ليس جهاد ولا النظام الذي نريده"، الى صديقه في 19 تشرين الثاني/نوفمبر "ماذا تفعل في الشام؟ فقط تذهب إلى الحمام وتنام؟".
ورد على صديقه يوم 26 تشرين الثاني/نوفمبر "أنا هنا منذ 20 يومًا ولا أفعل أي شيء على الإطلاق"، وبعد أسبوع عاد وأرسل له "مازلت أدور في حلقة مفرغة، لقد حظيت بخلاف كبير مع اثنين من الرجال هنا، صدقني فالمكان ليس كما تظن، سترى بنفسك من يسمون أنفسهم بالمجاهدين"، وتباهى في إحدى الرسائل بأنه أطلق النار من مدفع رشاش مع مجموعتين من إخوانه في الخطوط الأمامية للمعركة.
وترك محمد الدين بريطانيا في 4 تشرين الثاني/نوفمبر بعد أن انفصل عن زوجته، وفي 3 كانون الأول/ديسمبر بعث رسالة يقول فيها إنه يفكر في الهروب من سورية، واعتقلته الشرطة التركية بالقرب من الحدود السورية من دون جواز سفر في يوم 12 كانون الأول/ديسمبر، وادعى أنه كان يقيم في إسطنبول حتى 8 كانون الأول/ديسمبر عندما أدرك أن جواز سفره مفقود، وقرر الذهاب إلى السفارة البريطانية في أنقرة.
وادعى أنه ركب الحافلة مع صديقته النرويجية إلا أنهما غفيا، واستيقظا في صباح اليوم التالي في منطقة بالقرب من الحدود السورية، واعترف لاحقًا في بريطانيا بأنه كذب على الأتراك وأنه كان في الواقع سافر إلى سورية حيث طلب منه أن يسلم جواز سفره.
وأقرّ بذنبه في الإعداد لأعمال متطرفة، وأشارت المحامية أنبيل دارلو "في غضون فترة قصيرة من وصوله سوريا أعرب المتهم عن سخطه من معسكر التدريب وخيبة أمله من النظام السائد هناك، وشهد في نفس الفترة ضغطًا للعودة إلى زوجته في بريطانيا، ثم خطط للعودة بالرغم من مصادرة جواز سفره، وبالرغم من أنه اختار العودة إلى بريطانيا إلا أن عدد من رسائله تشير إلى نيته العودة مرة ثانية في المستقبل".
وأوضحت مساعد رئيس الشرطة ورئيس جهاز مكافحة التطرف جنوب شرق بريطانيا لورا نيكلسون "كان الغرض من سفر محمد هو الانضمام الى داعش والانخراط في نشاط متطرف، وستتخذ الشرطة أقوى الإجراءات ضد الاشخاص الذين ينوون أو يسافرون إلى سورية والعراق للقتال، ويشكل العائدون من سورية من المقاتلين خطرًا على بريطانيا، ولدينا مسؤولية لحماية مصالحنا في جميع أنحاء العالم، ونحن نمنع السفر إلى سورية بالأساس للحفاظ على أمننا والحفاظ على الرأي العام البريطاني في الداخل والخارج".
وأكدت النائبة العامة سو هيمنغ "غادر محمد الدين إلى سورية للانضمام إلى داعش بنية التطرف، وكان واضحًا أنه خطط للذهاب، وأنه عاني من خيبة أمل لدى وصوله، وأوضحت عمليات البحث الخاصة به عبر الإنترنت بحثه عن حالة التناحر الإسلامي وهذا ما عرضه لخيبة أمل أكبر من أي وقت سابق".
أرسل تعليقك