بدأ البابا فرنسيس الاثنين زيارة حساسة غير مسبوقة الى بورما حيث استقبله آلاف البورميين بملابسهم الفولكلورية بعد أن حضروا إلى رانغون من مختلف أنحاء البلد البوذي المتهم جيشه بشن حملة "تطهير عرقي" أدت الى تهجير أكثر من 600 ألف من الروهينغا المسلمين من ولاية راخين وبعد أداء رقصات فولكلورية في مطار رانغون، حيت حشود كبيرة في غالبيتها من الكاثوليك البابا البالغ من العمر 80 عاما، ملوحة بعلوم بورما والفاتيكان وبالمسابح بدءاً من المطار وعلى طول الطريق التي سلكها موكبه.
وقالت كريستينا اي اي سين موظفة البنك التي ارتدت قميصاً قطنياً عليه صورة البابا وكلمتا "السلام والمحبة"، "رأيت البابا. لقد بكيت من شدة فرحي. إنه لطيف وحنون. لقد أتى من أجل السلام" وفي زيارته الحادية والعشرين إلى الخارج، يزور البابا كذلك الخميس بنغلادش التي استقبلت 620 ألفا من اللاجئين الروهينغا الذين هربوا منذ نهاية آب/اغسطس من قراهم في راخين في غرب بورما من حملة القمع التي يشنها الجيش ووصفتها الأمم المتحدة بانها "تطهير عرقي".
وتزيد زيارة البابا التي تستمر أربعة أيام الضغوط على سلطات بورما بشأن معاملة افراد هذه الأقلية المحرومة من الجنسية والذين اسماهم البابا "اخوتنا وأخواتنا" وكرر نداءاته للتخفيف من معاناتهم وقال البابا الاحد خلال قداس في ساحة القديس بطرس متوجها الى نحو ثلاثين الف شخص تجمعوا في الساحة "ادعوكم لمرافقتي بالصلاة ليكون حضوري من اجل هذين الشعبين إشارة تقارب وأمل".
ويدرك البابا أن القوميين البوذيين المتشددين يتابعون من كثب تصريحاته لا سيما وأنهم يرفضون استخدام تسمية الروهينغا للاشارة إلى الأقلية المسلمة التي تعامل بازدراء ويُسمى أفرادها "البنغاليين" للتأكيد على أنهم مهاجرون من بنغلادش وليسوا مواطنين بورميين.
ولم يتردد البابا مرارا في الاشهر الماضية في إدانة المعاملة التي يتلقاها من وصفهم بانهم "اخوتي الروهينغا" رغم استياء بوذيي بورما من مثل هذه التصريحات وكذلك من الإدانات الدولية لطريقة تعامل الحكومة مع الأزمة ومن المقرر أن يعقد البابا لقاءات رسمية سيتم بحث قضية الروهينغا خلالها وأن يترأس قداسا كبيرا في الملعب الرياضي في رانغون الأربعاء.
وسيجري محادثات مع قائد الجيش مين اونغ هلاينغ الذي يعد أحد أكثر الشخصيات المتنفذة في البلد وتتهمه منظمات الدفاع عن حقوق الانسان بانه المسؤول الرئيسي عن حملة القمع في بورما ووقعت بنغلادش وبورما الأسبوع الماضي اتفاقا لاعادة اللاجئين الروهينغا لكن قائد الجيش قال انه يعارض عودتهم بأعداد كبيرة.
كما سيلتقي البابا اونغ سان سو تشي الحاكمة الفعلية للبلاد وحائزة نوبل للسلام التي تضررت صورتها الى حد كبير بسبب عدم تحركها في قضية الروهينغا.
- بادرة أمل -
والبابا فرنسيس هو أول حبر أعظم يزور بورما، ويتوقع أن يحضر القداس الذي سيترأسه في رانغون نحو مئتي الف شخص.
ويعلق المسيحيون الكاثوليك البالغ عددهم نحو 700 الف شخص ويشكلون واحد بالمئة من سكان بورما الذين يعدون 51 مليونا، آمالا كبيرة على الزيارة.
ويتوزع الكاثوليك في مختلف أنحاء بورما لكنهم وفدوا بأعداد كبيرة إلى رانغون بهذه المناسبة.
وقالت امرأة جاءت من كاشين في شمال البلاد "نحن هنا لاستقبال البابا بفرح وبقلوب نقية".
وقالت الراهبة جينيفياف مو التي جاءت من ولاية كارين في شرق البلد إن "الناس جاءوا من كل مكان لمجرد رؤيته لبضع دقائق. أنا سعيدة وفخورة بحكومتنا التي أتاحت تنظيم هذه الزيارة".
وبالمثل يترقب الزيارة لاجئو الروهينغا الذين رووا شهادات مروعة عن فظاعات جيش بورما التي تمثلت في عمليات اغتصاب وقتل وتعذيب.
وقال إمام المسجد نور محمد البالغ من العمر 45 عاما في مخيم للاجئين الروهينغا في كوكس بازار الحدودية في بنغلادش انه يأمل أن يقنع البابا مسؤولي بورما بعودة اللاجئين ومنحهم "المواطنة وانهاء كل اشكال التمييز" بحقهم.
قبل اندلاع اعمال العنف كان يعيش نحو مليون من الروهينغا في بورما، عدد كبير منهم منذ عدة اجيال. ولكن البلد تبنت في سنة 1982 قانونا يمنعهم من الحصول على الجنسية وهذا جعلهم أكبر مجموعة محرومة من الجنسية في العالم وهم يتعرضون فيها لشتى انواع التمييز من العمل القسري إلى الابتزاز وحرمانهم من حرية التنقل وقوانين زواج غير عادلة عدا عن مصادرة اراضيهم.
لكن هامش المناورة لدى البابا محدود، إذ يقول ريتشارد هورسي المحلل المستقل المقيم في بورما ان "الغالبية في بورما لا يصدقون الروايات الدولية حول تعرض الروهينغا لفظاعات وحول هرب مئات الآلاف منهم إلى بنغلادش".
وأضاف "اذا اصر البابا على التطرق الى المسالة، فسيؤجج ذلك التوتر"، وهو ما يخشاه الكاثوليك وفي تطور متصل، أعربت الكنيسة الكاثوليكية في الهند عن استيائها لأن زيارة البابا لن تشملها بعد أن توقعت قبل سنة أن يزور البابا هذه السنة الهند وبنغلادش ولكن تم التخلي عن زيارة الهند من دون تقديم سبب لذلك لا من الفاتيكان ولا من حكومة الهند.
وقال الاسقف تيودور ماسكارناس السكرتير العام لمؤتمر القساوسة الكاثوليك في الهند لفرانس برس "يأتي البابا إلى المنطقة ولن يأتي إلى الهند. هذا الأمر يؤلمني وأنا أكيد أنه مؤلم بالمثل لكافة الهنود".
أرسل تعليقك