يُعد فنُّ الكاريكاتير من الفنون الأكثر شهرةً واهتمامًا حول العالم، يجسدها فنان ينفعل بكل ما يدور حوله، باعتباره جزءًا من مجتمعه بكلِّ مشكلاته وتعقيداته الاجتماعيَّة، والسياسيَّة والاقتصاديَّة، لذلك نراه مثقفًا وقارئًا جيدًا لكلِّ العلوم الإنسانيَّة من تاريخٍ وأدبٍ وفنٍّ.
اقرا ايضا : "الثقافة والفنون" تٌطلق فعاليات السيرك المتنقل في غزة "
وحرصًا من وزارة الثَّقافة الفلسطينيَّة على الارتقاء بالفنون بشكلٍ عامٍ، وفن الكاريكاتير على وجه الخصوص، طرحت في شهر سبتمبر من العام الماضي دورةٌ تدريبيَّةٌ بعنوان “فنِّ الكاريكاتير” بواقع (30) ساعةً تدريبيَّةً، حاضر فيها فنان الكاريكاتير هشام شمالي، أنتجت ثُلةً من فناني الكاريكاتير الموهوبين الذين تدافعوا؛ للمشاركة في المسابقات الدوليَّة؛ كممثلين لفلسطين.
محمد الحتو (23) عامًا، هو أحد خريجي دورة فنِّ الكاريكاتير، والذي يدرس تخصص تخدير وإنعاش، يقول لنا: إنَّ تخصصه بعيدٌ كلُّ البعد عن فنِّ الكاريكاتير، لكنَّ رسمته الأولى التي رسمها على حائط غرفته كانت الدافع الأول الذي دفعه للبحث عن موطئ قدمٍ له في عالم الكاريكاتير.
ويضيف الحتو: “لم تكن بداية خطوطي متمكنةً، بل كانت عبارةً عن خربشاتٍ، وأصبحت مع التَّدريب تتجمع؛ لتجسد فكرةً واعيةً؛ لتعبِّر عن المواقف الحياتيَّة التي يصادفها في مجتمعه”.
ويَعتبر الحتو أنَّ مشاركته في مسابقة “كيرو كاريكاتير”، ومسابقة “ويلت هيمت” الألمانيَّة بعنوان “الإنسانيَّة والحرب”، ستكون بداية مشاركاته في المسابقات الدوليَّة، ويطمح في الفوز بالمراتب الأولى، ورفع اسم فلسطين وتمثيلها بشكلٍ مشرفٍ وإيصال معاناة شعبه الى العالم كافة.
ولم تكن ياسمين بعلوشة (23) عامًا تتوقع أن تنقلها دورةٌ تدريبيَّةٌ واحدةٌ من شعور الاهتمام إلى الشَّغف بفنِّ الكاريكاتير، والذي أصبح جزءًا من حياتها.
وتَعتبر بعلوشة فنَّ الكاريكاتير، له دورٌ مهمٌ كأداةٍ للتواصل بين المجتمعات رغم اختلاف علومهم، وأفكارهم، ولغاتهم، وجنسياتهم، لما فيه من أهميةٍ جدِّيةٍ تعكس الحياة المختلفة، وإلقاء الضّوء؛ للتَّعرف على القضيَّة الفلسطينيَّة والأحداث الجارية، ومناصرةً للشعب الفلسطينيِّ.
وتُرجع بعلوشة الفضل فيما وصلت إليه إلى وزارة الثَّقافة، التي قدمت لها التَّدريب والرعاية الكافيتين في إكسابها درجةٍ من المعرفة في فنِّ الكاريكاتير.
وتقول بعلوشة:” أنتظر بلهفةٍ نتائج مسابقة “وليت هيمت” الدولية، والتي تعُدُّ مشاركتي الأولى، وكلي أملٌ بالحصول على مرتبةٍ متقدمةٍ فيها”.
“تعدُّ فرصة مشاركتي في المسابقات الدوليَّة فرصةٌ مميزةٌ جداً”. هكذا ابتدأ إيهاب شلا (26 عامًا) المتخصص بتكنولوجيا الوسائط المتعددة، حديثه عن مشاركته في مسابقة “يورو كارتونال” الدوليَّة الـ 22 في بلجيكا عن الجدار، ومسابقة سوريا الدوليَّة الخامسة عن الوقت، اللتين قَدِم عليهما بعد تخرجه من دورة فنِّ الكاريكاتير من وزارة الثَّقافة، التي عملت على صقل مواهبه ومهاراته الفنيَّة.
ويضيف صالح: “أتَّبع أسلوب المزج بين الماضي والحاضر، وأجسده في كثيرٍ من لوحاتي الفنيَّة، وأميل إلى الجانب الرياضي؛ لحبي الشَّديد لكرة القدم، والجانب الاجتماعي لما له من دورٍ مهمٍ في عرض مشاكل المجتمع المحيط”.
ويأمل صالح في الوصول إلى مراحلٍ متقدمةٍ تأهيليَّةٍ في الرَّسم على الحاسوب، والوصول إلى شخصياتٍ موهوبةٍ، مثل: ناجي العلي، وأحمد السحار، وفتحي غبن، وقدَّم صالح شكره للمجهودات المبذولة من قبل وزارة الثَّقافة وطرحِها مثل هذه الدَّورات.
ومن جهته يوضح الفنان “هشام شمالي” مدرِّب الدَّورة: “أنَّ فنَّ الكاريكاتير فنٌّ حرٌّ يمثل حالةً من التَّمرد؛ لتوصيل فكرةٍ قويةٍ وبسيطةٍ، برسمةٍ عميقةٍ تختصر الكثير من الكلام، وتعايش قضايا المجتمع الفلسطينيِّ، المتعلقة بالأسري والقدس واللاجئين…، والمعاناة اليوميَّة للإنسان الفلسطيني”.
وتعتبر عطاف النجيلي (26) عامًا تخصص تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، أنَّها بالرغم من قلة إمكانيات أدواتها، وألوانها، ولوحاتها، إلا أنها تحدت بأقل الإمكانيات؛ لتلقي هويَّتها وشخصيتها في فنِّ الكاريكاتير.
وتشير النجيلي إلى أنَّ الكاريكاتير يتجاوز الكتابة، باعتبارها لغة عالميَّة، يمكن فهمها على مستوي العالم، لما لها من دورٍ مهمٍّ في الدِّفاع عن قضايا حقوق الإنسان وإيصال الرسالة من الفنَّان الكاريكاتوري إلى المشاهد.
وتبيّن النجيلي أنَّها شاركت في مسابقة “صاروخان” في فنِّ بورتريه الكاريكاتيري في القاهرة التي ينظمها متحف الكاريكاتير بالفيوم، وتأمل بالفوز بها؛ لتكون دافعًا قويًا، للمثابرة والاستمراريَّة؛ للوصول إلى المستوى المتقدِّم.
وتقدمت النجيلي بجزيل الشُّكر لوزارة الثَّقافة على مجهوداتها، ودعت إلى المزيد من الدَّعم والجهد والعمل، على دوراتٍ تأهيليَّةٍ متقدمةٍ، تساعد الشَّباب في وضع خططٍ مستقبليَّةٍ؛ لخلق فرص عملٍ تعود بعائدٍ ماديٍ عليهم.
ويعرِّب شمالي عن سروره بطرح وزارة الثَّقافة، مثل هذه الدَّورات القيِّمة، التي تصقل مواهب الشَّباب الصَّاعدة، وتكسبهم الخبرات في مجالاتٍ متعددةٍ، مشيِّداً بدافعيَّة المتدربين، وسعيهم لترك بصمةٍ، من خلال المشاركة في المسابقات الدوليَّة وحصر الجوائز الدوليَّة.
وعبَّر شمالي عن أمله في فوز هذه النَّماذج الموهوبة بالمراتب الأولي؛ لتزداد فرصتهم على المستوي المهنيِّ، وتوفر لهم فرص عملٍ، داعيًا لتوفير حاضنةٍ تصقل طاقات الشَّباب، وتحتضنهم؛ ليمثلوا فلسطين، ويوصلوا رسالةً للعالم كافة، بأنَّ فلسطين مليئةٌ بالفنِّ، وأنَّنا سنقاتل الاحتلال بهذا الفنِّ.
ويؤكد “أ. عاطف عسقول” مدير عام الفنون في وزارة الثَّقافة، على أنَّ الوزارة تحتضن المواهب الشبابيَّة وتقوم بطرح العديد من الدَّورات التَّدريبيَّة؛ لتزيد من تقدمهم ونجاحهم.
ويضيف عسقول قائلًا: “نفتخر بتخريج مجموعةٍ متميزةٍ من المبدعين بدورة “فنِّ الكاريكاتير”، الذين افتتحوا معرضًا خاصًا بمنتوجاتهم الفنيَّة في نهاية الدَّورة التي جسدت عددًا من القضايا المرتبطة بالواقع الفلسطيني، بحضور مجموعةٍ من الشَّخصيات البارزة منها “أ.سلامة معروف” رئيس المكتب الإعلاميِّ الحكوميِّ، وتبنيه نشر بعض الأعمال المتميزة من خلال المنصات الإعلاميَّة لوكالة الرأي”.
وكشف عسقول عن سعي الوزارة حاليًا؛ لإطلاق ملتقى يضم العديد من فناني الكاريكاتير، ومهرجانٍ دوليٍّ، يضم الأعمال الإبداعيَّة، والعمل على تطوير الورشات العمليَّة التَّأهيليَّة المتقدمة.
ووجه عسقول رسالةً للشَّباب، بضرورة طرق الأبواب كافة، والتَّدريب المكثف والمثابرة والإبداع، واتباع شغفهم، وعدم وضع قيودٍ على أفكارهم، وممارستهم، لفنِّ الكاريكاتير، والذي يفتح لهم آفاقًا، تختصر معانٍ كثيرةً بصورةٍ واحدةٍ.
قد يهمك ايضا : "غزة للثقافة والفنون" يعرض ثلاثة أفلام قصيرة تناولت قضايا مجتمعية
نادي السينما بمركز غزة للثقافة والفنون ينظم عرضاً لفيلم تسجيلي
أرسل تعليقك