تتجه الأنظار إلى اجتماع يوم السبت المقبل في مدينة الكويت بين وزراء الطاقة في السعودية والإمارات والكويت وسلطنة عمان لتنسيق المواقف الخليجية قبل الاجتماع الوزاري الموسع للمنتجين في فيينا يوم 22 حزيران (يونيو) المقبل ويعتبر المراقبون أن الاجتماع سوف يستكمل ما تم التوافق عليه بين السعودية وروسيا قبل أيام في منتدى سان بطرسبورج، حيث تم قبول فكرة العودة إلى زيادة الإنتاج لتعويض تهاوي إنتاج فنزويلا وقرب تقلص الصادرات النفطية الإيرانية مع عودة العقوبات الأمريكية عليها إضافة إلى استعادة السوق لكامل توازنه، ما يفرض إعادة النظر في مدى ضرورة التمسك بالتخفيضات الإنتاجية التي بدأ تطبيقها مطلع العام الماضي 2017.
وأشار تقرير لوكالة بلاتس الدولية للمعلومات النفطية إلى تراجع مخزونات النفط الخام في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى ما دون المستوى المتوسط في خمس سنوات وذلك بحسب بيانات نقلتها عن منظمة "أوبك"، مشيرا إلى أن المخزونات انخفضت حاليا بنحو أقل من 20 مليون برميل عن المتوسط وذلك بفضل تمسك "أوبك" بالحفاظ على تخفيضات الإنتاج.
وأوضح التقرير الدولي نقلا عن وزيري الطاقة السعودي والروسي إشارتهما إلى أنهما قد يتفاوضون على زيادة الإنتاج قبل الموعد النهائي لتنفيذ الاتفاق حتى نهاية عام 2018، مشيرا إلى أنه مع تسجيل خام برنت مستوى 80 دولارًا للبرميل أثار الأمر قلقا واسعا في أوساط المستهلكين .
وقال التقرير إن أكثر الدول تأثرا بارتفاع الأسعار كانت الهند وهي أكبر مستهلك والتي تتمتع بأسرع معدلات النمو الاقتصادي وهو ما جعل وزير البترول الهندي دارمندرا برادهان يناشد المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، من أجل المساعدة على استعادة أسعار النفط "المستقرة والمتوسطة".
وأوضح التقرير أن الفالح طمأن السوق والمستهلكين، خاصة أن هناك ما يكفي من الإمدادات وليس هناك سبب يجعل سعر خام برنت يرتفع إلى مستويات مفرطة، مشيرا إلى أن الهند من بين أكبر العملاء في شراء نفط المملكة العربية السعودية، حيث ينمو الطلب على النفط بها بأسرع وتيرة في العالم.
وأضاف التقرير أنه كان هناك حديث في السوق قبل بضعة أشهر بأن الاعتماد على عودة المخزونات إلى المتوسط في خمس سنوات قد لا يكون أفضل مقياس لمستوى إمدادات النفط العالمية وكان هذا الكلام مدفوعًا بالبيانات التي تشير إلى أن المخزونات لم تتراجع بالسرعة التي كانت تأمل بها منظمة "أوبك" ولكن مع انهيار إنتاج فنزويلا استقرت السوق وصعدت الأسعار إلى مستويات قياسية.
وفي سياق متصل، مالت أسعار النفط الخام إلى الاستقرار ترقبا لقرار زيادة الإنتاج الذي على الأرجح ستقدم عليه منظمة "أوبك" وحلفاؤها المستقلون خلال اجتماع فيينا الشهر المقبل ويتردد في السوق أن السعودية وروسيا ومنتجين آخرين سيضخون نحو مليون برميل يوميا إضافية وذلك بعد عودة المخزونات إلى المستويات الطبيعية واستمرار ارتفاع الأسعار بسبب تقلص إنتاج فنزويلا وإيران.
وفي هذا الإطار، قالت لـ"الاقتصادية"، الدكتورة ناجندا كومندانتوفا كبير الباحثين في المعهد الدولي لتطبيقات الطاقة، إن حالة تقلبات الأسعار والتوتر في سوق النفط الخام سوف تستمر على الأرجح حتى موعد انعقاد اجتماع المنتجين في فيينا في 22 حزيران (يونيو) المقبل وهو الاجتماع الذي سوف تتبلور خلاله خطة زيادة الإنتاج.
وأوضحت أن حجم الزيادة غير معروف حتى الآن وهو موضع مفاوضات وتحضيرات بين المنتجين، حيث يتوقع البعض مليون برميل يوميا بينما يذهب البعض الآخر إلى بضعة مئات الآلاف من البراميل، لافتة إلى أن المنتجين ما زالوا يستهدفون استقرار السوق والزيادات الإنتاجية ستكون محسوبة بدقة لجعل السوق قادرا على تفادي أي صدمات، مبينة أن المطلوب في المرحلة الراهنة تعويضات التهاوي في إنتاج كل من فنزويلا وإيران.
من جانبه، أوضح لـ"الاقتصادية"، أندرو جروس مدير قطاع آسيا الوسطي في شركة "إم إم أيه سي" الألمانية للطاقة، أن السوق النفطية وبفضل اتفاق خفض الإنتاج بين "أوبك" والمستقلين نجحت في استعادة التوازن الكامل في الشهر الماضي كما انخفضت المخزونات إلى المستوى المتوسط في خمس سنوات وأن الاستمرار في اتفاق خفض الإنتاج قد يهبط بالمخزونات إلى أقل من المتوسط ولذا فإنه على الأرجح أن التوقيت المناسب قد أتى بالفعل لإعادة النظر في سياسات الإنتاج الحالية.
وأشار إلى أن الفترة الحالية السابقة لاجتماع المنتجين في فيينا من الفترات التحضيرية المهمة التي تشهد تكثيف المشاورات في إطار الإعداد الجيد للاجتماع وبما يضمن خروج الاجتماع بشكل سلس وسط تحقيق أعلى مستويات التوافق في رؤى المنتجين حول خطة التعامل مع السوق في الفترة المقبلة، لافتا إلى أنباء عن اجتماع خلال أيام يجمع السعودية والإمارات والكويت وسلطنة عمان لتنسيق مواقف المجموعة الخليجية في منظمة "أوبك".
من ناحيته، قال لـ"الاقتصادية"، أنددريه يانيف محلل بلغاري، إن حالة عدم اليقين في السوق ليست من صالح أي طرف، مشيرا إلى أن سعر برميل خام برنت خسر خمسة دولارات في أيام قليلة بينما كانت الأسعار في مسيرة ارتفاعات متوالية كسبت فيها نحو 13 في المائة منذ بداية العام الجاري.
ولفت إلى أن تآكل حالة وفرة المعروض السابقة فرض عديدا من التحديات على المنتجين في الفترة المقبلة والذين أصبحوا مطالبين بتأمين منظومة العرض من خلال العودة لزيادة الإنتاج لتعويض الانكماشات الإنتاجية غير الطوعية التي حدثت في عدد من الدول المنتجة الرئيسة في منظمة "أوبك" .
وفيما يخص الأسعار، استقرت أسعار النفط أمس، بعدما انخفضت كثيرا في الأيام الأخيرة بفعل مخاوف من أن السعودية وروسيا ستضخان مزيدا من الخام في النصف الثاني من العام بعد انخفاض مخزونات النفط العالمية وارتفاع الأسعار للمستهلكين.
وبحثت السعودية وروسيا زيادة الإنتاج النفطي لـ"أوبك" والمنتجين من خارج المنظمة بواقع مليون برميل يوميا لمواجهة نقص محتمل في إمدادات فنزويلا وإيران وعوض خام القياس العالمي مزيج برنت خسائره المبكرة ليرتفع سنتا واحدا إلى 75.40 دولار للبرميل، بحلول الساعة 0619 بتوقيت جرينتش، بعد أن جرى تداوله منخفضا عند 74.81 دولار للبرميل.
وزاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي عشرة سنتات إلى 66.83 دولار للبرميل بعد أن لامس أدنى مستوى له في الجلسة عند 66.35 دولار للبرميل. وانخفض خام غرب تكساس ما يزيد على 7 في المائة في الجلسات الخمس السابقة.
وأسهمت القيود المفروضة على الإنتاج بقيادة منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" إلى حد كبير في تصريف فائض المخزونات بالدول الصناعية، وتواصل المخزونات الانخفاض. ومن المقرر أن تجتمع المنظمة في فيينا في 22 حزيران (يونيو) المقبل.
وتسببت خطط زيادة الإنتاج في إثارة قلق المراهنين على ارتفاع سوق النفط، ليبدأوا السعي للتحوط عند مستويات تقل كثيرا عن السعر الحالي للعقود الآجلة في حالة ما إذا زادت المنظمة الإنتاج بوتيرة سريعة وقال محللو كريدي سويس أمس الأول، إنه حتى إذا زادت روسيا ومنتجو "أوبك" الإنتاج، فلن يضيف هذا على الأرجح سوى 500 ألف برميل إضافية، ما سيترك المخزونات في معظم الدول الصناعية دون متوسط الخمس سنوات بنهاية عام 2018.
وحقق النفط الخام الأمريكي عند تسوية الأسعار أمس الأول، ارتفاعا هامشيا بنحو 0.4 في المائة، في أول مكسب خلال ستة أيام، ضمن عمليات التعافي من أدنى مستوى في ستة أسابيع 65.79 دولار للبرميل المسجل في اليوم السابق.
كما صعدت عقود برنت هامشيا بنسبة 0.3 في المائة، في أول مكسب خلال أربعة أيام، ضمن عمليات التعافي من أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع 74.47 دولار للبرميل المسجل في وقت سابق من تعاملات اليوم السابق وخسر الخام الأمريكي الأسبوع الماضي نسبة 5.5 في المائة، وفقدت عقود برنت نسبة 3.1 في المائة، في أول خسارة خلال سبعة أسابيع، بفعل تسارع عمليات التصحيح وجني الأرباح من أعلى مستوى في ثلاث سنوات ونصف، وتحت ضغط تصريحات السعودية وروسيا.
وقالت السعودية "أكبر منتج في "أوبك"" وكذلك روسيا "أكبر منتج في العالم" يوم الجمعة الماضي، إنهما تناقشان حاليا زيادة إنتاج النفط بنحو مليون برميل يوميا وعلى حسب الأنباء الحالية في السوق تتجه منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" بالاشتراك مع المنتجين المستقلين إلى إنهاء برنامج خفض المعروض العالمي مبكرا ورفع مستويات الإنتاج خلال اجتماعها المقبل.
ويعود هذا الاتجاه السائد حاليا في "أوبك" إلى المخاوف بشأن تقلص إمدادات النفط من إيران وفنزويلا بسبب العقوبات الأمريكية، وبعد ارتفاع أسعار النفط لأعلى مستوى في ثلاث سنوات ونصف، مع التفكير في المحافظة على الحصص السوقية في مواجهة تسارع الإنتاج الأمريكي وتراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 72.91 دولار للبرميل أمس الأول، مقابل 73.37 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق رابع انخفاض له على التوالي، كما أن السلة خسرت نحو خمسة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 77.19 دولار للبرميل.
أرسل تعليقك