قال المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، "إن السعودية قررت استئناف نقل شحنات النفط عبر مضيق باب المندب اعتبارا من يوم أمس، وذلك بعد أن أكّدت قوات التحالف المشتركة لاستعادة الشرعية في اليمن، اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لضمان أمن وسلامة سفن دول التحالف عبر المضيق وجنوب البحر الأحمر، وذلك بالتنسيق مع المجتمع الدولي، وبما يتوافق مع القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة".
وكانت المملكة قد أعلنت تعليق نقل شحنات النفط عبر مضيق باب المندب في الـ 25 من تموز (يوليو) الماضي في أعقاب المحاولات الإرهابية الفاشلة التي قامت بها الميليشيات الحوثية التابعة لإيران ضد ناقلتي نفط سعوديتين.
ووفقا لـ "واس"، قال المهندس الفالح "قرار استئناف عمليات شحن النفط عبر مضيق باب المندب جاء بعد أن اتخذت قيادة التحالف الإجراءات اللازمة لحماية سفن دول التحالف".
وأكد ثقته بأن تحالف دعم الشرعية في اليمن، الذي تقوده المملكة، قد اتخذ جميع التدابير الأمنية اللازمة لخفض المخاطر على سفن دول التحالف التي تمر عبر مضيق باب المندب ومنطقة جنوب البحر الأحمر بالتنسيق مع المجتمع الدولي التي من شأنها ضمان استمرار إمداد العالم بالطاقة وفق أعلى المعايير والاحتياطيات الأمنية.
وشدد على أن أمن مضيق باب المندب وجنوب البحر الأحمر هو مصلحة دولية مشتركة ويجب على المجتمع الدولي القيام بمسؤولياته تجاهها.
جاء تصريح الوزير خالد الفالح في أعقاب البيان الأخير، الصادر عن الناطق الرسمي لقيادة قوات التحالف المشتركة لاستعادة الشرعية في اليمن، الذي أكد أن التحالف قد أجرى تقييما شاملاً لهجمات الميليشيات الحوثية، التي تستهدف حرية الملاحة في مضيق باب المندب، واتخذ حيالها جميع التدابير اللازمة لضمان حرية الملاحة البحرية والتجارة العالمية عبر المضيق بالتنسيق مع المجتمع الدولي.
من جهتها، أعلنت "أرامكو السعودية" استئناف نقل شحنات النفط الخام عبر مضيق باب المندب، وبشكل فوري وأكدت الشركة في بيان متابعة وتقييم الوضع الراهن بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة واتخاذ الإجراءات المناسبة لضمان سلامة وموثوقية الإمدادات لعملائها من خلال شبكتها الممتدة التي تتمتع بمرونة تصدير النفط الخام من عدة موانئ، إضافة إلى حرصها على البيئة وأمن وسلامة الناقلات وطواقمها، باتخاذ التدابير اللازمة لضمان ذلك.
وتلقت السوق النفطية بارتياح قرار السعودية باستئناف مرور الشاحنات النفطية عبر مضيق باب المندب بعد نحو أسبوعين من تعليقها إثر تعرض ناقلتي نفط سعوديتين لهجوم من ميليشيا الحوثي الإرهابية الموالية لإيران.
واعتبر محللون دوليون أن عودة الملاحة إلى طبيعتها في البحر الأحمر ستدعم استقرار تجارة النفط العالمية وتقلل من المخاطر الجيوسياسية التي تأثرت بها سوق النفط الخام على مدار الأسابيع الماضية، مشيرين إلى أن اتخاذ التدابير الأمنية اللازمة في وقت قياسي يعكس الجهود السعودية المكثفة لتأمين السوق والوفاء باحتياجات المستهلكين في الوقت المناسب ودون أي عوائق.
في هذا الإطار، قال لـ "الاقتصادية" جوران جيراس مساعد مدير بنك "زد إيه إف" في كرواتيا، "إن السعودية تلعب دورا رئيسيا في استقرار السوق العالمية وتأمين الإمدادات النفطية، لذا سارعت إلى وقف الشحنات مؤقتا في باب المندب لحين التنسيق مع التحالف واتخاذ كامل الإجراءات التي تؤمن تجارة النفط عبر هذا الشريان الرئيسي".
ولفت إلى أنه من حسن حظ السوق أنه تمت استعادة كامل الإجراءات الأمنية في وقت وجيز، مبينا أن السعودية و"أوبك" تبذلان جهودا لتأمين تجارة النفط بمعزل عن الصراعات السياسية المتأججة في منطقة الشرق الأوسط.
من جانبها، أوضحت لـ "الاقتصادية"، الدكتورة ناجندا كومندانتوفا كبير الباحثين في المعهد الدولي لدراسات الطاقة، أن عودة الملاحة بحسب "أرامكو" ستكون محل متابعة ومراقبة مستمرة للتأكد من توافر أقصى درجات التأمين للشحنات النفطية وهو ما يعني توفير ضمانات قوية لتجارة النفط والتأكد من عدم تكرار مثل تلك الاعتداءات.
من ناحيته، قال لـ "الاقتصادية" أندريه يانييف، المحلل البلغاري ومختص شؤون الطاقة، "إن ناقلات النفط العالمية تعتمد على البحر الأحمر ومضيق باب المندب باعتباره أحد شرايين تجارة النفط الرئيسية في العالم"، مشددا على أن التعافي السريع من هذه الأزمة هو شيء إيجابي للغاية ويزيد الثقة بالجهود السعودية على المستوى الدولي لتأمين التجارة وتعزيز الصناعة بشكل عام.
وتمر ناقلات النفط قرب شواطئ اليمن أثناء توجهها من الشرق الأوسط إلى أوروبا عبر قناة السويس ىمن جهته، ذكر كامل الحرمي، المختص النفطي الكويتي، أن هناك إشارات وصلت إلى الحوثيين من المجتمع الدولي بأن استهداف حركة التجارة وناقلات النفط في المضيق يعتبر قضية بالغة الخطورة على حركة الملاحة والتجارة الدولية، قد يترتب على ذلك إجراءات وعقوبات ضدهم.
وقال "إن أسواق النفط مكتفية الآن من الإمدادات النفطية بعد أن زادت السعودية وروسيا والكويت والإمارات إنتاجها وصادراتها من النفط، ما أوجد نوعا من الاستقرار في سوق النفطية العالمية".
بدوره، قال حجاج بو خضور، المختص النفطي الكويتي، "إن القرار الذي اتخذته السعودية بوقف شحنات النفط لحين وضع إجراءات حماية لناقلات النفط، كان صحيحا، حيث إنه اعتداء على ممر دولي وليس موجها إلى السعودية فقط".
ولفت إلى أن قرار وقف الشحنات كان لمصلحة التجارة العالمية وكذلك حفظ ممتلكات السعودية وهو إجراء سليم.
وأضاف "النفط سلعة تؤثر في العالم أجمع، والسعودية كأكبر منتج للنفط، تعد القدوة في أي إجراء تتخذه وهذا نابع من تحملها مسؤولية تجاه أسواق النفط، وكما نعلم فهناك مخزون نفط عائم وآخر في طريقه إلى الأسواق، وبالتالي تنظيم الشحنات صناعة قائمة بحد ذاتها، بحيث لا يحدث نقص في الإمدادات النفطية في فترة زمنية معنية".
وأكد أن السعودية ملتزمة بتأمين حاجة السوق النفطية، لذا فإن عودة حركة ناقلات النفط السعودية دليل على قدرتها في نهجها المستمر في إمداد الأسواق بالنفط والاعتماد عليها في الإيفاء بالتزاماتها تجاه السوق النفطية، ما يحقق استقرارا في الأسواق.
ولفت إلى أن عودة نقل شحنات النفط عبر مضيق باب المندب تؤكد اتخاذ السعودية إجراءات سياسية وأمنية واقتصادية لضمان استمرار حركة ناقلات النفط عبر المضيق.
من جانبه، قال علي اليعقوب، مختص نفطي، "إن باب المندب ممر دولي يخضع للحماية من كافة المجتمع الدولي، وبعد استهداف ناقلات النفط شعر العالم بخطر هذا الاستهداف وتأثيره في الملاحة البحرية، ما دفع إلى تنسيق دولي لحماية المضيق والسفن النفطية والتجارية من هجمات ميليشيا الحوثي الإرهابية".
وأشار إلى أن السعودية بعد هذا التنسيق قررت عودة حركة ناقلاتها النفطية عبر المضيق، ما يؤكد أن المضيق أصبح آمنا لعبور السفن وناقلات النفط سواء التابعة للسعودية أو بقية دول العالم.
أرسل تعليقك