كنا قد تكلمنا سابقًا عن ظاهرة التنمر في المدارس في مقالة سابقة ... طفلك الصغير: متنمِر أم متنمَر عليه
واليوم نتحدث عن الموضوع نفسه لحجم أهميته وبشكل أكثر تفصيلًا إذ تنتشر ظاهرة التنمر في المدارس الإعدادية (المتوسطة) والثانوية، بل لقد أثبتت الدراسات أنها موجودة في المدارس الابتدائية أيضًا والجامعات كذلك.
بداية عليك أن تعرفي من هو الطفل أو المراهق المتنمّر؟
هو طفل يشعر بالألم الشديد وهو بالطبع طفل غير سوي لديه شعور كبير بالنقص العاطفي وفي الغالب هو نتاج أسرة مفككة أو حتى أسرة تبدو مترابطة لكنها لا تلقي بالًا لمعنى التربية. ففي معظم الحالات يكون الطفل المتنمر هو الابن المهمل في العائلة وقد أخذ منه إخوته الاهتمام كالأكبر والأصغر أو ربما كان يتعرض لعنف منزلي من الأشقاء أو الأبوين أو ربما كان عرضة لتنمر في المدرسة فأصبح كذلك كنوع من رد الفعل.
والحقيقة أن العكس صحيح أيضًا فقد يكون شديد الدلال، ولديه أسرة تستجيب لكل طلباته المادية وأحيانًا العاطفية دون اهتمام معنوي حقيقي، فينشأ وفي ظنه أنه يستطيع التحكم بكل من حوله كما يفعل مع أسرته.
هل التنمّر موجود في مجتمعات الإناث كما هو في مجتمعات الذكور؟
نعم فالتنمر في الحقيقة موجود حتى بين الكبار والبالغين في الجامعة والعمل، لكن ربما بصورة مختلفة أحيانًا.
في السابق كان التنمر البسيط في مجتمعات الإناث أو الذكور لا يتعدى فكرة تحريض المتنمرة والتي غالبًا ما تكون زعيمة المجموعة للبقية على التعامل السيئ مع فتاة بعينها أو صبي بعينه مع الانتقاد والاستهزاء طيلة الوقت وعدم مشاركتها اللعب مثلًا، وكذلك في مجتمعات الذكور، لكن تعد الحالات الأسوأ هي الضرب والإجبار على القيام بتصرفات غير لائقة مع الأصدقاء الآخرين كضربهم أو سبهم أو سرقة شيء أو مشاركتهم عملية سرقة وغير هذا الكثير.
ومؤخرًا ظهرت مثل هذه الحالات في مجتمعات الإناث أيضًا وإن كانت أقل بكثير عن مجتمعات الذكور.
كيف يحدث التنمر وما هي مجموعات التنمر؟
هل تذكرين مدرسة المشاغبين؟ هل تذكرين بهجت – عادل إمام؟ لقد كان بهجت هو المتنمر الأساسي وهو القائد ومعه مرسي – سعيد صالح، كنائب له مثلًا، وكان هادي الجيار ويونس شلبي من المستفيدين أما ضحية التنمر فكان أحمد زكي.
في العموم تكون المجموعة عبارة عن قائد ومعه صديقان أو ثلاثة على أبعد تقدير، وهم أتباعه يلبون أوامره النابعة من قيمه هو ويستمدون منه قوتهم وفي الغالب يكونون بشكل أو بآخر ضحايا تنمره.
من هو الضحية ولم يرضخ لهم؟
في غالب الأمر يكون الطفل الضحية أو الشخص الضحية، شخصًا ضعيف الشخصية ضحية لعنف منزلي أو ربما لنوع من السيطرة من والديه أو من غيرهما، فيقبل هذا التنمر ولا يستطيع رده أو الدفاع عن نفسه أو ربما أحيانًا بسبب ضعف قوته الجسدية.
لا يصدق الآباء أحيانًا أن يكون ابنهم متنمرًا كبهجت، ربما يستطيعون تقبل أن يكون ضحية، لكنهم في كثير من الأحيان ينكرون أن يكون ابنهم عنيفًا أو متنمرًا، لذا من المهم أن يعرف أي أب وأي أم كيف يمكنهما معرفة ما إذا كان ابنهم متنمرًا؟ وكيف يتعاملون مع الأمر؟
أحيانًا كثيرة لا يعرف الأبوان أن ابنهما من المتنمرين إلا بناءً على طلب من المدرسة أو رسالة تطلب مقابلة ولي الأمر، وأحيانًا ينكرون ذلك، لذا فإن أولى خطوات العلاج عدم الإنكار والاعتراف بالواقع وبالخطأ مع النفس إن كانا قد أفرطا في تدليله مثلًا أو غير ذلك.
أما بعد ذلك فمن المهم جدًا أن يلجأ الأبوان إلى أخصائي نفسي تربوي للمساعدة.
ماذا عن العكس، وكيف يمكن الأم معرفة أن طفلها ضحية متنمر؟
في الحقيقة أن كل سن لها طريقتها في التنمر، ففي الخامسة تجد الأطفال يتعاملون مع بعضهم البعض بغلظة أحيانًا فيقول أحدهم للآخر "لا أحبك" "لا أريدك أن تكون صديقي" "لا أحب اللعب معك ولا أريدك أن تلعب معي أو أن تلمسني وما إلى ذلك"
في السن الأكبر تبدأ طريقة أخرى في الظهور ما بين السخرية وربما تتعدى للضرب وصولًا إلى إجبار الضحية على فعل ما لا يرغب أيًا كان.
والحقيقة أن الطريقة المثلى لمعرفة ذلك هو مراقبة سلوك ابنك على الدوام، وأن تكوني صديقته ولا تعنفيه كثيرًا ليحكي لك. اسأليه عن يومه وأخبريه أولًا عن يومك وتحديدًا عن مشكلة مررت بها أو ضيق شعرت به. في الغالب يحكي الأطفال في السن الصغير الأمر بشكل عارض، لكن ربما يتعمدون فيما بعد إخفاء الأمر.
من المهم وقتها التواصل مع المدرسة والإخصائي الاجتماعي وأهل الصبي المتنمر ومساعدة من أخصائي نفسي تربوي لابنك لبناء شخصيته وزيادة ثقته بنفسه.
ومن المهم في الحالتين أن تكوني قدوة مع صديقاتك وكذلك زوجك وإخوته الأكبر، ومن المهم عدم مشاهدته لمشاهد عنف وأن تتحدثي كثيرًا عن فكرة الحق مقابل القوة والخير مقابل القوة الباطلة أو العنف بالقصص أو بغير ذلك.
هناك الكثير من القصص والأفلام المناسبة لغرس الفكرة خاصة في ظل ما يمكن أن يراه من ظلم منتشر في معظم مجتمعاتنا وبالتالي يصعب عليه الاعتراف بغير القوة. كوني صبورة ولا تيأسي ولا تهملي الأمر لأنها ظاهرة منتشرة ولها آثار سلبية طويلة المدى.
أرسل تعليقك