رام الله - فلسطين اليوم
ما أصعب، وأقسى أن تقع الزوجة في هذا الموقف، وهذا الإختيار بين أمرين كلاهما مر، فإما أن تقبل بضرة تشاركها زوجها في كل شيء أهمه المشاعر، وإما أن تدمر حياتها بطلب الإنفصال، أو الطلاق، خاصة وأن الله سبحانه وتعالى هو العدل الحكيم، فحينما شرع عز وجل تعدد الزوجات لم يجبر الزوجة الأولى بالقبول، والإستمرار في الحياة مع رجل فضل عليها إمرأة أخرى، وإنما أعطاها الحق بأن تقبل وتستمر، أو ترفض وتطلب الطلاق، وبغض النظر عن فكرة تعدد الزوجات من وجهة نظر الرجل والتي لا تتوقف عند شروط معينة حددها الشرع لزواجه بأخرى، فسيظل الألم الذي يقع على نفس الزوجة الأولى بمجرد سماعها بزواج شريك عمرها بأخرى الألم الأقسى الذي فتك بقلبها، وجوارحها وكيانها، لا أستطيع أن أصفه تفصيلا، فلم أجربه، ولن أقبل به مطلقا، ليس تحريما لما حلله الله، ولكن حفاظا على صحتي النفسية، وتجنبا لبابا من الجروح سيظل مفتوحا منذ لحظة الزواج بأخرى، ومعرفة بقدر نفسي وقوة تحملها، فلماذا أحملها ما لا تطيق؟.
ولا أعلم لماذا يستسهل بعض الرجال وقع الصدمة على الزوجة الأولى؟، عزيزي الرجل، لك أن تعلم أن أسوأ لحظة تمر بعمر المرأة كزوجة هي لحظة علمها بزواج زوجها بأخرى، مهما كانت تؤمن بالله وقدره، فهكذا خلقت ضعيفة غيورة تعشق ولا تحب أن يشاركها أحدا في عشقها، فهل تيقنت ولو للحظة فيما سيحدث لها؟، فهل شعرت بقلقك عليها من الحزن الذي سيسكن قلبها للأبد، حتى لو لم يستمر زواجك الثاني؟.
ولك أيضا أن تعلم أنه ليست كل النساء كبعضهن فيما يتعلق بشأن الضرة، فمنهن من يخضعن للأمر الواقع، وأنا لا ألومهن، بل أشفق عليهن، فقد يغلبهن حبهن وعشقهن لأزواجهن، وقد يضطررن لقبول الضرة لعدم وجود من يعولهن إذا انفصلن عن أزواجهم أو لوجود أطفال فيأثرن أطفالهن على أنفسهن بدافع الأمومة، الإحساس الأروع بالعالم، فيستمرن في الحياة من أجلهم حفاظا عليهم وعلى مستقبلهم.
وقد تقبل بعض النساء بضره بمحض إرادتها دون أي ضغوط، بل أنها تكون هي الطالبة لذلك، والساعية له، فهي الأعلم بنفس زوجها، وتطلعاته التي لا تنتهي، وقد تكون مقتنعة تماما بقبول الضرة إعتمادا على قبول الشرع وقبولها لفكرة تعدد الزوجات.
وقد مر علي أنا شخصيا حالة لموافقة الزوجة الأولى بضرة عن رضا وقبول تام، فعندما كنت في التاسعة عشرة من عمري كانت أمي رحمها الله تعالى تروي لي حكايات عن جدتي أم جدي، إذ ذهبت مع زوجها لتطلب يد فتاة أعجبته ليتزوجها، وما أن سمعت ذلك إلا وجننت وقلت كيف يا أمي؟، كيف تقبل ذلك؟، ومنذ ذلك الحين أصفها بالمرأة القوية المسيطرة، فقل من يفعلن ذلك، والحمد لله أني لم أرث هذا منها...
أرسل تعليقك