لندن ـ كاتيا حداد
كتبت فتاة تحمل الجنسيتين البريطانية والعراقية، شكوى عبر الانترنت وجهتها إلى الحكومة البريطانية، تطالبها بالتدخل لمساعدة النساء والفتيات اليزيديات اللاتي تنتهك أعراضهن وكراماتهن وأجسادهن في العراق من قبل عناصر تنظيم "داعش" المتطرف.
وجاء في نص الشكوى "اسمي رزوين وعمري 17 عامًا ، فتاة يزيدية أعيش في كوفنتري في بريطانيا، وجئت إلى هنا مع عائلتي عام 2008 بعد أن أصبح خطرا علينا أن نعيش في العراق، لقد تم اختطاف أكثر من 3000 سيدة وفتاة يزيدية بواسطة تنظيم داعش في شمال العراق، لقد بكيت عندما سمعت بما حدث لهؤلاء الفتيات، لقد كان كابوسا مرعبا بالنسبة لي، أعرف فتيانًا صغارًا عمرهم 12 عامًا تم خطفهم، وإذا كنت في موقعهم الآن كنت سأكون خائفة جدا.
وأعدت روزين شكواها قبل يومين في محاولة بائسة لإجبار الغرب على المساعدة في إنقاذ النساء والفتيات اللاتي يتعرضن للتعذيب والاغتصاب والبيع كعبيد للجنس بواسطة تنظيم "داعش" المتطرف، وبينهم فتيات صغار بعمر ثمانية أعوام فقط، وبالرغم من أنه غير معلوم كيفية اختطاف المزيد من النساء اليزيديات إلا أنه في العام الماضي أعلن عن اختطاف ما يتراوح بين 5000 إلى 7000 من النساء بواسطة "داعش".
وتحاول الفتاة إنقاذ هؤلاء النساء والفتيات ومنهم المختطفين منذ آب/أغسطس 2014، عندما هاجم "داعش" الطائفة اليزيدية، وهي جماعة عرقية كردية شمال العراق، وقد وقّع أكثر من 28.000 شخص في جميع أنحاء العالم على عريضة روزين التي تدعو بريطانيا لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإنقاذ هؤلاء، وذكرت روزين "لدينا العديد من الفتيات المختطفة، عائلتي تعرف على الأقل 50 ممن تم أخذهم من قريتنا القديمة، والخطر يلاحق الفتيات المعرضات للخطف، وأشعر بالأسف حيال الفتيات اللاتي هربن لكنهن ما زلن خائفات".
ودعت روزين، الحكومة البريطانية للمساعدة في إنقاذ آلاف الفتيات والنساء اللاتي ما زلن قيد الأسر، وأضافت أنها تريد لقاء وزيرة الداخلية تيريزا ماي، ووزيرة الدولة للتنمية الدولية جستين غرينينغ، ووزير الخارجية فيليب هاموند، وذلك للمساعدة في إعداد خطة عمل لإنقاذ هؤلاء النساء، قائلة "أعتقد أن الحكومة تبذل ما في وسعها، ولكن دعونا نأمل أنهم يستطيعون فعل المزيد، سأكون ممتنة كثيرا إذا استطاعوا مساعدة هؤلاء الفتيات، يجب أن تعمل الحكومة مع مهنيين محترفين مثل المحامي اليزيدي خليل الداخي الذي ظهر أخيرًا في فيلم وثائقي على القناة الرابعة، والذي يمكنه المساعدة في إنقاذ الفتيات".
وحثت الفتاة الحكومة على الالتزام بوعدها الذي قطعته على نفسها العام الماضي خلال مؤتمر القمة العالمي للقضاء على العنف الجنسي في حالات الصراع، بهدف تقديم مزيد من الدعم والحماية لضحايا العنف الجنسي بما في ذلك الأطفال، مضيفة "أعرف بعض الفتيات اللاتي هربن من القرية التي كنت أعيش فيها، إنهم يجدون صعوبة في الحديث بسبب صدمتهم النفسية، وفي كل مرة يحاول شخص التحدث إليهم يصابون بنوبات من الهلع، هناك فتاة عمرها 12 عاما تعيش في قريتنا وهي حامل وتحتاج لمزيد من الرعاية الطبية، فالحمل قد يتسبب في قتلها، يحاول المجتمع مساعدتها بتوفير المال والمأوى ولكن ليس هناك ما يكفي احتياجاتها من المال والغذاء، أطالب أعضاء البرلمان بالمساعدة في توفير بيئة آمنة لهؤلاء الفتيات".
وتوجد العديد من النساء والفتيات اليزيديات اللاتي هربن من "داعش" للعيش في مخيمات لاجئين، وترغب روزين في إعادة النظر في الحكم عليهم، إذ أنها لديها هدف أشمل، وهو إعطاء هؤلاء النساء المصدومات والمذعورات سببا كي تستمر حياتهم، وتبكي روزين باستمرار وهي تخبر الجريدة بلغة إنجليزية ركيكة قائلة "إنهم يسألون باستمرار عن وجود أمل، إنهم يشعرون بعدم وجود أي أمل، أريد أن اجعلهم يفهمون أنه ما زال هناك أشخاص يقدمون لهم الرعاية والدعم، أريدهم أن يعرفوا أنه هناك بشر يهتمون بهم دون قسوة، أتسأل دائما أنا ووالدتي لماذا نحن فقط الذين نهتم؟ قد ينتهي الأمر بالفتيات في بلدة أخرى ولا يمكن العثور عليهم، أشعر بالاشمئزاز حقا كون بعض الناس يشعرون أن هذه الأشياء عادية، لا أحد يتحمل الحمل في عمر التاسعة أو 12 عامًا، لا أحد يستحق أن يستعبد جنسيا أو أن يتم بيعه، لا أحد يستحق ذلك، إنه أمر ضد الإنسانية".
وما يؤثر في روزين كثيرا أنه لا أحد يهتم بالأمر خارج الطائفة اليزيدية، فالغرب يسمح لهذه الفظائع بأن تحدث مع عدم بذل كل الجهود لإنقاذ هؤلاء الفتيات والنساء من التعذيب المستمر، وأوضحت روزين أن شعورها بأنها قد تكون ضمن هؤلاء الفتيات بسهولة يقوى رغبتها في القتال من أجل هؤلاء الأخوات، قائلة " أشعر بأنني محظوظة جدا، ولكني أتخيل باستمرار كيف الوضع إذا كنت أنا بين هؤلاء الفتيات".
ويذكر أن روزين تركت طائفتها في العراق عندما كان عمرها 10 أعوام مع والدتها وخمسة أشقاء، وانتقلوا للعيش في بريطانيا مع الوالد الذي كان يعمل في بريطانيا بالفعل لمدة أربعة أعوام، والآن تعيش الأسرة معا وتحمل الجنسية البريطانية، وذكرت روزين "عندما كنت أعيش في قريتي كنا نسمع صوت القنابل والبنادق، وكان الاستعداد للجري جزء يومي أساسي في حياتنا، وبمرور الوقت أصبح الأمر خطيرًا للغاية، ولذلك أصر والدي على إخراجنا من هذا المكان قبل أن نواجه الأسوأ، بالطبع أفتقد بلدي لدى الكثير من الأصدقاء الذين لم أراهم منذ فترة، لقد افتقدهم كثيرا ولكن الوضع هناك غير آمن، أما هنا فهناك المزيد من الفرص".
وتدرس روزين حاليا في مدرسة "Lyng Hall" في كوفنتري، وبعد إكمال دراستها للجغرافيا وعلم الاجتماع واللغة الانجليزية تأمل في دراسة القانون في ليفربول أو جامعات كوفنتبري، وتحلم الفتاة بأن تصبح محامية لمحاربة الظلم، أما الآن فتسعى الفتاة لمساعدة طائفتها اليزيدية في العراق، قائلة "نحن طائفة تمثل أقلية صغيرة ونعرف بعضنا جميعا بالرغم من أننا بعيدون عن بعضنا، لكننا نفكر في بعضنا مثل الأقارب، لذلك فإنه أمر قاسى أن أعلم بوجود فتيات في هذا الوضع كما لو كانوا أخوتي، وكان أبي وأمي مستعدون لترك المنزل والهرب بسبب خوفهم من اختطاف فتياتهم ، إنه أمر فظيع".
وشاهد أقارب الفتاة وأصدقائها العريضة التي نشرتها على الانترنت والتي وصلت إلى جماهير عدة ، وبيّنت روزين "أنهم يأملون أن تساعد هذه العريضة في إحداث أي فرق، إنهم يقولون أشياء مثل ، روزين هل يمكنك إخراجنا من هنا؟، هذا يجعلني أشعر بأنهم يؤمنون بي، ويجعلني أكثر تصميما على فعل شيء من أجلهم، أنا حقا أريد مساعدتهم الآن، إنهم يثقون في ويؤمنون بى".
أرسل تعليقك