كشفت مخرجة مسرحية "هومغرون"، ناديا لطيف، أن الرقابة قررت إلغاء العرض الذي كان مقررًا له في آب/أغسطس، مشيرة إلى أن العمل من إنتاج المسرح الوطني للشباب.
واستعد 112 طالبا وطالبة تتراوح أعمارهم بين 14 إلى 25 عامًا، لتقديم مسرحية جديدة مثيرة للجدل تحت عنوان "هومغرون" وتعني "محلية الصنع"، وكشفت المخرجة أنهم ظلوا يتدربون على العمل لمدة ستة أشهر.
ولفتت إلى أنّ المسرحية تناقش تطرف الشباب في بريطانيا، وتشكل جزء من أداء الممثلين التفاعلي في المسرحية من آرائهم وتجاربهم الخاصة كشباب ينتمون إلى أقليات عرقية في البلاد، إذ كان العمل وسيلة لإيصال أصواتهم في النقاش الوطني الدائر حول المتطرفين وتنظيم "داعش".
وبيّنت أنّ منتج العمل، المسرح الوطني للشباب، أوقف عرضها قبل أسبوعين من ليلة الافتتاح مما أدى إلى شعور الموظفين والممثلين بخيبة أمل تصاعدت بسبب رفض المسرح الوطني للشباب أن يشرح لهم السبب وراء ذلك.
وأعلن المنظمون في بيان لهم، "أنه بعد النظر في بعض الاعتبارات، توصلنا إلى عدم تأكدنا كفاية إن كانت المسرحية تلبي أهدافنا والمعايير التي وضعناها والتي يتوقعها منا جمهورنا".
وعبّرت مخرجة المسرحية ناديا لطيف عن قلق فريق العمل بسبب إلغاء عرض المسرحية، في ظل ما تردد عن أنّ السبب يتمثل في كونها تطرح أسئلة حول التطرف في بريطانيا، في الوقت الذي يزداد فيه عدد الشباب الذين يحاولون الانضمام إلى "داعش".
واعتبرت أنّ الإلغاء يرجع إلى ضغوط خارجية على مسرح الشباب الوطني، وزعمت أنّ السلطات المحلية متورطة في هذا القرار. على حد قولها.
وكانت المسرحية ستعرض في البداية في مدرسة في بيثنال غريب، والتي تبعد أقل من ميل واحد من المدرسة التي ترتادها ثلاث فتيات يعتقد أنهن سافرن إلى سورية ليتزوجن من متطرفين. لكن مجلس "هامليتس" طلب من المنظمين تغيير مكان العرض، ووافقوا على نقله إلى أكادميية "يو. سي أل". وطلبت الشرطة أيضا أن تقرأ النص وعرضت فكرة تقديم العرض من دون إعلان إلا أن المخرجة رفضت هذا الاقتراح.
وأضافت أن إلغاء المسرحية لم يدمر فقط الممثلين الشباب ولكنه يدعو إلى القلق من دور الرقابة في 2015 وأبرزت لطيف "أعتقد أن هذا السلوك يرسل رسالة مفادها أنه يسمح لأشخاص معينين بالحديث في مواضيع معينة"، وتابعت "هذا القرار له آثار عاطفية وسياسية واجتماعية واسعة النطاق وهذا الجو من الخوف الذي نعيش فيه غير مقبول خصوصًا وأن المسرح الوطني للشباب لم يكن شفافا في عرض الأسباب".
ويبدو أنّ شكوك المخرجة حول سبب إلغاء المسرحية لها ما يبررها، إذ كشفت تقارير صحافية عن رسالة إلكترونية داخلية بعثها مدير المسرح الوطني للشباب، بول روزبي، وبيّن فيها "أن العرض يجب أن يلغى لمنع إلحاق الضرر بسمعة المسرح وأعضائه. وأضاف "فشل العرض في تلبية الطلبات المتكررة لنص مؤقت كامل لتبرير أجندة المتطرفين وهذا لا يبدو أمرا جيدا بالنسبة لمستقبل المسرحية على خشبة المسرح الوطني للشباب".
وشددت لطيف على أن هناك بعض العبارات المثيرة للقلق في هذا الخطاب الداخلي والكثير من الكذب أيضا، على حد قولها. وتابعت "زودناهم فعلا بالنص ووقعوا على ذلك ولهذا فإن ما ذكروه غير صحيح، أنا لا أدعو إلى التطرف فهذه اتهامات خطيرة تلحق بي اليوم وفي عمري هذا ومن المثير للقلق استخدام لغة كهذه في وصف شخص ما".
ونشر المسرح الوطني للشباب بيانًا عقب الكشف عن الرسالة الإلكترونية، جاء فيه "موضوع هذه المسرحية، تصميميها، وعرضها في مدرسة يتطلب منا الكثير من إجراءات الحماية الصارمة المعتادة لضمان أمن المكان وسلامة فريق العمل. ولكننا نؤكد أنه لا يوجد أي طرف خارجي أثر في قرارنا بإلغاء العرض العام للمسرحية والقرار اتخذته اللهيئة التنفيذية للمسرح بشعور بالغ الأسف".
وتصر المخرجة على أن المسرحية لا تملك "أجندة متطرفة" وأنها مبنية على قصة الفتيات اللواتي سافرن إلى سورية، وأن العمل جاء كنظرة عميقة في المجتمعات والثقافات والأحاديث عن الإسلام والتطرف في بريطانيا".
وأبرزت "نحاول أن نقول إن هؤلاء الأطفال أصبحوا متطرفين في أمة تمتلئ بالخوف سواء كان ذلك من المثلية الجنسية أو التحيز الجنسي أو الإسلام وهذا لا يحدث من فراغ ونحاول القول إن هذه مشاكل عالمية ويبدو أن المشاركين كان لديهم الكثير من الآراء في العمل تساهم في إثراء النقاش الوطني".
تسعى لطيفة إلى أن يشاهد الناس مسرحيتها سواء وافق المنظمون أو رفضوا، وتوضح "أفضل لو يأتي أحد ويقول لي إن مسرحيتك تافهة وأود استرجاع نقودي بدلا من عدم الذهاب لمشاهدتها". وتابعت "هذا يعني أننا نتشارك الآراء معا فدق ناقوس الخطر هو رسالة الفن فلو أننا جميعا نردد الشيء ذاته سنكون مجرد صدى صوت لبعضنا، ومهمتنا إثارة تفكير الناس عبر طرق جديدة وهذا بالتحديد كان هدف المسرحية".
أرسل تعليقك