غزة - فلسطين اليوم
يقول المثل الشعبي" هم بيضحك وهم بيبكي"، الهم المضحك في هذا التقرير يتحدث عن مأساة الزواج من خلال مكاتب تيسير الزواج المنتشرة في غزة، والتي لم تعد مكاتب تيسير بل مكاتب ملاحقة لهؤلاء العرسان الذين يتزوجون من خلالها نتيجة الظروف الاقتصادية التي يعيشها قطاع غزة، والتي انعدمت نتيجتها فرص العمل وبالتالي انخفضت قيمة الدخل للفرد.
مشاكل كثيرة تحدث في العلاقة ما بين هذه المكاتب الربحية بالدرجة الأولى، وبين زبائنهم من العرسان الذين كبلتهم ظروف غزة فحولت الزواج من قفص ذهبي على سجن من الديون.
يقول أبو سمير البهتيمي صاحب مكتب السعادة لتيسير الزواج "تهدف مكاتب تيسير الزواج إلى تقديم خدمات لجيل الشباب وهي خدماتية أكثر منها ربحية، فنسبة الربح لدينا محدودة جداً لا تتجاوز 5-6% على أبعد تقدير والمستفيد من عملية التقسيط هو العريس الذي يحصل على خدمة جيدة وأسعار رخيصة وتقسيط ميسر".
أما فيما يتعلق بما يشاع حول وجود 3800 أمر حبس بحق عرسان غزة عبر مكاتب تيسير الزواج فأكد البهتيمي بأن الأمر عار عن الصحة مطلقًا وأن جميع أوامر الحبس التي صدرت بحق عرسان مكاتب تيسير الزواج لا تتجاوز 800 أمر حبس.
وأضاف أنها مكاتب عمل خاص وليست مدعومة من أي طرف على الإطلاق ولكن عملية الربح تعتمد على قدرة صاحب المكتب التسويقية للمؤسسة وكذلك قدرته على امتلاك المتطلبات الخاصة بالزواج مثل غرف النوم وملابس العروس ولوازم الحفلة فنحن في مكتب السعادة نمتلك هذه المتطلبات ولا نشتريها من التجار.
ويؤكد بأن عدد العرسان المسجلين لديه كزبائن في المكتب 600:640 عريس، منهم نحو 138 شخص غير ملتزم.
ويختم حديثه بالقول في الآونة الأخيرة أصبحت الظروف الاقتصادية صعبة للغاية وفي بعض الأحيان الكثيرة يأتينا الزبون ليعتذرعن الدفع ويشرح ظروفه الصعبة فنقوم بمساعدته بما نستطيع كي يشتري طعام لأبنائه، مواقف صعبة جدًا وظروف مأساوية للأسف.
أما أبو جهاد الشريف صاحب مكتب قطر لتيسير الزواج فيتحدث عن هذه المشاريع بقوله، تقوم فكرة مكاتب تيسير الزواج على مساعدة الشباب غير القادرين على الزواج في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها وتقوم فكرة هذه المكاتب على إعطاء العريس أسعار ميسرة لإتمام الزفاف وبالتقسيط بدءًا من طقم النوم والصالة وبدلة العروس والفدعوس وحتى الكراسي وصباب الخروب.
وأضاف أنه وفقًا للاتفاق الذي يبرم بين مكتبنا وبين العريس يقوم الأخير بدفع دفعة أولية لا تقل عن 500-600 دينار أردني على أن يتم تقسيط الباقي على 24 شهر بمعدل 100 دولار شهريًا حسب الاتفاق .
هذا وبدأت فكرة مكاتب تيسير الزواج منذ عشر أعوام، وأول مكتب لتيسير الزواج كان لشخص اسمه "اشتياق عثمان"، وبعد ذلك تم افتتاح الكثير من هذه المكاتب التي لاقت رواجًا من قبل الشباب في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها قطاع غزة.
فيما يتعلق بهامش الربح والخسارة يؤكد الشريف بأن نسبة الربح لا تتجاوز 5% بمعنى لو دفع المكتب 10 آلاف شيقل فإن المكتب يربح فقط 500 شيقل والآن نحن لا نجني أرباحًا وإنما نسبة الخسارة أكبر.
واوضح أن مكاتب تيسير الزواج تعتمد بشكل كلي على الأقساط المدفوعة من العرسان، وذلك لأن أصحاب هذه المكاتب ملتزمون مقيدون بشيكات للتجار من أصحاب الأثاث أو الفرق الموسيقية أو الملابس أو أصحاب الصالات، والإخلال بالدفع يعرض المكتب للمساءلة القانونية وفي حالة عدم قدرة صاحب المكتب على دفع الشيكات الصادرة عن المكتب قد يصل به الأمر إلى السجن على قضايا ذمم مالية كما هو منتشر حالياً في غزة.
وفيما يتعلق بتأثير الوضع الاقتصادي الأخير على عملهم يقول الشريف: على إثر الظروف الاقتصادية الأخيرة الصعبة فقد توقفنا في الوضع الحالي عن العمل بسبب قلة الإقبال وعدم قدرة الشباب على الزواج الأمر الذي أثر على قدرة صاحب المكتب من الاستمرار في العمل والكثير من هذه المكاتب قد أوقفت عملها.
وتابع لدينا 20 معاملة تم تحويلها للمحكمة بسبب عدم وفاء العريس بالأقساط المدونة بحقه قانونيًا من إجمالي 300 معاملة أي بنسبة أقل من 10%".
وفي سؤاله حول معاناتهم جراء هذا التقصير يؤكد الشريف بأنهم يعانون حاليًا من موضوع الشيكات والتجار الذين يطالبون بحقهم وفي ظل عدم وجود تحصيل لدينا في تسديد الالتزامات للتجار فقد أصبحنا ندفع من جيوبنا لسداد هذه الالتزامات سواء عمال أو إيجار أو محروقات فالأمور للأسف في غاية السوء.
العرسان أيضا تشتكي
يقول أحد العرسان "32 عامًا" الذين تربطهم علاقة التزام مالي مع أحد مكاتب تيسير الزواج، أعمل في تنجيد السيارات وتزوجت قبل ثلاث أعوام عبر مكاتب تيسير الزواج والتزمت بدفع الأقساط الشهرية لمدة شهرين فقط، وبسبب الخصومات التي حدثت بدأت أتخلف عن دفع القسط الشهري فما كان من المكتب إلا أن رفع السند المنظم الدون بيننا كحفظ حق إلى المحكمة.
وأضاف أنه بناءً على حكم المحكمة يتم سجني شهريًا لمدة 21 يوم ولحتي الآن لا أستطيع الدفع.
أما العريس رامي ربيع 23 عامًا فيقول عن ظروف تعامله مع مكاتب تيسير الزواج، والدي موظف حكومي وكان ملتزماً بالسداد ولكن بعد الخصومات الأخيرة التي طالت رواتب موظفي السلطة لم يتبق من راتب والدي شيء وتم رفع قضية ضده في المحكمة وتم سجنه.
وثالث يقول "أعمل جرسون في مطعم وبسبب الأزمة المالية الأخيرة تم تسريحي من ضمن العمال الذين تم تسريحهم، وجاري رفع قضية محكمة ضدي ولا أدري ماذا سأفعل فأنا حالياُ بلا عمل".
مواقف مضحكة
يتحدث أحد أصحاب مكاتب تيسير الزواج عن مواقف مضحكة تحدث بينهم وبين عرسان غزة عندما تطالب هذه المكاتب العرسان بتسديد الأقساط الشهرية المدونة بحقهم لصالح المكاتب فيقول "من احدى المواقف المضحكة التي حدثت بيننا وبين العرسان أننا قمنا الاتصال بأحد الزبائن لطلب الدفعة فكان رد العريس مفاجئاً بقوله "تعالوا خدوا العروس.. معيش أدفع".
وآخر كان رده حين طلبنا منه تسديد القسط الشهري "أقترح عليكم أخذ الثلاجة وبيعها لحصولكم على القسط"، بينما جاء أحد الأشخاص إلى أحد هذه المكاتب طالبًا أن يقرضوه الدفعة الأولى لكي يقوم بالتسجيل كمعاملة تيسير زواج ويقول آخر: "احبسوني معيش أدفع الكم.
أرسل تعليقك