"كثير من الأمور تغيرت بسبب "كورونا"، لكننا عموماً بدأنا التسجيل للفصل الصيفي، الذي سيكون التدريس فيه عن بُعد أي أون لاين"، يقول د. أمجد أبو العز، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح في نابلس.
الدورة الصيفية حسب أبو العز ستعتمد التدريس عن بُعد، ما لم يُتخذ قرار بفتح الجامعات كالمعتاد.
وتعد "النجاح" واحدةً من 52 مؤسسة أكاديمية، من ضمنها 18 جامعة موجودة في الضفة وقطاع غزة، حسب بيانات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
ومع قرب انتهاء الفصل الدراسي الثاني، ينهمك أبو العز في تحضير نماذج الطلبة لامتحانات نهاية الفصل، التي ستؤدى أيضاً إلكترونياً.
يقول أبو العز، "هناك فترة محددة للامتحان، حيث يتم فتح بوابة (زاجل) الخاصة بالجامعة خلال فترة محددة، بما يمكن كل طالب من التقدم للامتحان خلال وقت قصير نسبياً".
ويضيف: إذا كان الامتحان اختياراً من متعدد (Multiple Choice) فإنه يعطى للطالب في هذا النوع من الامتحانات 10 دقائق، أما إذا كان نوع الأسئلة كتابياً، فإن الطالب يعطى 5 دقائق إضافية، والهدف من ذلك ضبط الامتحان، والحد من فرص الغش، أو احتمالات القص واللزق باستخدام الإنترنت.
ويبلغ عدد طلبة "النجاح" 23 ألف طالب، وقد تحولت منذ بداية أزمة كورونا إلى التعليم الإلكتروني.
يقول أبو العز: لحسن الحظ فإن البنية التحتية للجامعة مهيأة منذ نحو 15 عاماً لهذا النوع من التعليم، بالتالي باتت الجامعة أشبه بمركز تعلم إلكتروني، لكن ذلك لا يلغي أن التدريس عن بعد له إيجابيات، وسلبيات على حد سواء.
الإيجابيات من وجهة نظره، تتمثل في زيادة اعتماد الطلبة على ذاتهم في عملية التعلم، مضيفاً "باتت هناك قراءات ذاتية ومتابعات أكثر من قبل الطلبة، بمعنى أن هناك جهداً أكبر مطلوباً منهم، وأعتقد أن هذا النوع سيصبح أكثر قبولاً لدينا، خاصة أنه خلال الفترة الماضية لم يكن هناك تقبل له لدينا بشكل عام".
وبالنسبة للناحية السلبية يقول: بعد بروز أزمة كورونا، باتت الحاجة لمزيد من البحث عبر الإنترنت، للوصول إلى مزيد من المعلومات، ما أحدث صدمة للكثير من الطلبة وحتى المدرسين، الذين لم يكونوا مستعدين لهذا النوع من التعليم.
ويقول: هناك الكثير من الوظائف المطلوبة من الطلبة، وأنا شخصيا أتلقى يوميا عشرات الرسائل من طلبتي في إطار عملية التواصل معهم، وهذا أمر ليس سهلا.
ويردف: لدي مئات الطلبة، وعملية نقل علاماتهم وحدها تستغرق أسبوعا، من هنا لا بد من التأكيد على أهمية توفر البنية التحتية اللازمة لهذا النوع من التعليم، لذا أعتقد أن هناك تحديات لوجستية وفكرية تفرض نفسها فيما يتعلق بهذا النوع من التعليم.
"بيرزيت" بين الإلكتروني والوجاهي
وإذا كان هذا حال جامعة النجاح، فإن جامعة بيرزيت ويوجد حرمها في بلدة بيرزيت شمال رام الله، أعلنت مؤخرا عن التعليمات الأكاديمية للدورتين الصيفيتين المقبلتين.
وتبعا للجامعة، فقد تم اعتماد التعليم الإلكتروني عن بُعد في الدورتين الصيفيتين، موضحة أنه يحق لها العودة إلى التعليم الوجاهي في حال انتهاء حالة الطوارئ واتخاذ الجامعة قراراً بذلك.
وحددت الجامعة الحد الأقصى للساعات المعتمدة المسموح تسجيلها لطلبة البكالوريوس النظاميين في الدورة الصيفية الواحدة بـ 7 ساعات معتمدة، أما الحد الأقصى للساعات المعتمدة المسموح تسجيلها لطلبة الماجستير النظاميين في الدورتين فهو 9 ساعات معتمدة، مبينة أنه يمكن لطلبة الماجستير التسجيل 6 ساعات معتمدة كحد اقصى خلال احدى الدورتين.
وقالت الجامعة: إنه في نهاية كل دورة صيفية، وبعد ظهور العلامات النهائية للمساقات، يحق لطالب البكالوريوس اختيار إما الابقاء على نظام العلامات أو تحويل العلامات إلى نظام ناجح/ راسب، وينطبق خياره على جميع المساقات التي سجل لها وليس على كل مساق على حدة.
أما في برامج الماجستير، فيكون تقويم المساقات حسب نظام العلامات المتبع في الإجراءات الفصلية العادية.
حسب د. غسان الخطيب، نائب رئيس الجامعة للتنمية والاتصال، فإن الدورة الصيفية الأولى ستبدأ في الثالث من الشهر المقبل، مبينا بالمقابل أن التدريس للفصل الثاني سينتهي وامتحانات نهاية السنة الدراسية قبل عيد الفطر، بينما سيتم اصدار "نشر" العلامات بعده.
يقول الخطيب: تجربة العام الدراسي مرت على خير، لكننا نأمل ألا نضطر لإعادتها، أما بالنسبة للعام الدراسي المقبل، فالصورة غير واضحة حتى الآن.
ويضيف: في بداية التدريس عن بعد، واجهنا صعوبات تقنية من عدة نواح، اذ ان بعض المعلمين لم يكونوا معتادين عليه، ما استدعى منا القيام ببعض التدريبات لهم، كما ظهرت بعض الاشكالات التقنية بالتالي توجهنا لشركة الاتصالات التي بادرت من تلقاء نفسها إلى رفع السرعات، وتغيير أجهزة "الراوتر" للمدرسين.
وبموازاة ذلك، فإن جانبا من الطلبة لم يأخذوا موضوع التدريس عن بعد على محمل الجد، "لكنهم عندما أدركوا أن استمرارهم بهذه الحال، لن يكفل احتساب ساعات لهم، تأقلموا مع الوضع الجديد".
ويقول الخطيب: نسبة التحصيل عبر التعليم عن بعد، أقل بالتأكيد من التعليم الوجاهي، لكن باعتقادي فإن نسبة الخسارة ليست كبيرة، وفي الإجمال فإننا لم نضيع على الطلبة سنة دراسية.
التغيرات في الجامعة ويبلغ عدد طلبتها نحو 15 ألف طالب وفق الخطيب، لم تقتصر على آلية التدريس، بل تعدتها لتشمل نمط الامتحانات.
"التخصصات العلمية مثل الهندسة لجأنا فيها إلى حلول الكترونية تتيح اجراء الامتحانات، بطريقة لا تختلف عن الامتحانات المعتادة لكن باستخدام الحاسوب في هذه المرة، أما التخصصات المرتبطة بالعلوم الاجتماعية، فقد غيرنا طابع الاسئلة عبر التركيز على كتابة مقال أو بحث قصير، يعتمد على التحليل"، يقول الخطيب.
تبعا للخطيب، فإن ثمة صعوبات أخرى اصطدمت بها الجامعة، من ضمنها الوضع المالي، ويصفه بـ"الصعب"، مضيفا، "ليس هناك تحصيل للأقساط منذ بداية الأزمة لأسباب لوجستية، من ضمنها الحجر المنزلي وما فرضه من قيود على الحركة وعمل الشركات والمؤسسات، ما يضاف إليه الظروف الصعبة التي تواجه الناس بحكم ذلك".
بيد أنه يأمل في أن يسهم بدء التسجيل للدورة الصيفية في تمكين الجامعة من تحصيل بعض الموارد، لتجاوز الفترة الحالية.
ويعمل في الجامعة أكثر من 1000 موظف، نصفهم يعملون في سلك التدريس، وقد تلقوا رواتبهم بالكامل عن الشهرين الماضيين أسوة بما تم في "النجاح".
يقول الخطيب: الوضع المالي للجامعة صعب جدا، وهي بالكاد تمكنت من تدبير أمورها في الشهرين الماضيين، حتى أن دفع الرواتب لم يتم إلا بعد الاستدانة، والعمل على إحداث تغيير في الموازنات، بالتالي بشق الأنفس تمكنت الجامعة من دفع الرواتب.
تجربة لافتة في جامعة بوليتكنك فلسطين
وفي الخليل، تبدو تجربة جامعة بوليتكنك فلسطين، لافتة إلى حد كبير، وهي التي أنهت العام الدراسي الأخير، في السابع من الشهر الحالي.
د. عماد الخطيب، رئيس الجامعة، يشير إلى اتخاذ الجامعة منذ بداية أزمة كورونا واعلان حالة الطوارئ في الخامس من آذار الماضي، قرارا بالتحول إلى التعليم الالكتروني.
ويقول الخطيب: منذ 11 عاما بدأت مساعينا على صعيد التعليم الالكتروني، وأنشأنا مركزا مختصا بهذا الشأن، بالتالي في السابع من آذار، تحولنا إلى التعليم عن بعد، باستخدام منصة معدة خصيصا لهذا الغرض.
ويضيف: صحيح أن عملية التحول كانت فجائية، لكن بحكم التجربة والخبرة المتوفرة لدينا تمكنا من تنفيذها بسرعة، ومع حلول السابع من الشهر الحالي أنهينا كافة متطلبات العام الدراسي.
البوليتكنك وهي جامعة تقنية، انطلقت ككلية جامعية العام 1978، قبل أن تتحول إلى جامعة العام 1993-1994، آثرت أن تكون عملية التقييم للطلبة مختلفة عن سائر الجامعات.
يقول الخطيب: اعتمدنا التقييم عبر مشاريع أو أنشطة طلابية وليس الامتحانات الدارجة، وذلك بمعرفة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وقد كانت ردود الفعل مشجعة من كافة الأطراف.
ويتابع: بعض الجامعات اعتمدت نموذج ناجح (Pass) أو راسب (Fail)، لكننا ارتأينا أن يكون التقييم طبيعيا بحيث ينال الطالب علامته لكن دون الاعتماد على امتحانات الكترونية، لارتفاع احتمالات الغش فيها، عدا أن هناك طلبة لدينا يتلقون منح تفوق أكاديمي، وخريجين يرغبون باستكمال دراستهم العليا، طالبونا بأن تكون هناك علامات اعتيادية، لأنه دون ذلك سيواجهون اشكالات.
كما يرى أن بعض المصاعب قد تبرز بفعل الامتحانات الالكترونية، مثل عدم فهم جانب من الطلبة لبعض الاسئلة، أو قد يواجهون مشكلات تقنية مثل بطء الانترنت أو انقطاع الاتصال، بالتالي فإن التقييمات التي اعتمدتها الجامعة ساهمت في تجاوز مثل هذه الحيثيات.
ويقول: النموذج الذي اعتمدناه لاقى دعما من الوزارة، بالتالي خصصنا له 40% من العلامة النهائية لطلبتنا، ويبلغ عددهم 7200 طالب.
وتبعا للخطيب، فإن عدد مساقات الجامعة في الفصل الثاني بلغ 2000 مساق، 1600 منها نظري، بالتالي أخذ قرار بتحولها إلى التعلم عن بعد، بينما البقية ذات طابع عملي وتحتاج إلى مختبرات وورشات متخصصة.
على أية حال، فإن الجامعة بصدد بدء الدورة الصيفية في السابع من الشهر المقبل، وستقوم أيضا على التعلم عن بعد، لكن الجامعة أعدت العدة أيضا لإمكانية استئناف الدراسة الوجاهية متى ما اتخذت وزارة التعليم العالي قرارا بهذا الشأن.
يقول الخطيب: لقد راكمنا خبرة كبيرة، ونحن مستعدون للتعامل مع متطلبات الفترة المقبلة، فالمساقات يمكن تنفيذها عن بعد أو وجاهيا.
بيد أنه بالنسبة للقائمين على هذه الجامعة ويبلغ عدد موظفيها 450 موظفا، يبدو أن العامل المؤرق ليس نمط التدريس، بل الواقع المالي.
وحول ذلك يقول الخطيب: جائحة كورونا أبرزت أمرا أساسيا، ليس على الصعيد الفلسطيني فحسب بل والعالمي، ويتمثل في أن هناك قطاعين لا بد من الاستثمار فيهما، هما قطاعا التعليم والصحة.
ويضيف: قطاع التعليم مرتبط بالجانب البحثي، ونحن فخورون لكون ثلاثة أساتذة من جامعتنا، يعملون مع وزارة الصحة من أجل تقليل مدة الفحص الخاص بـ"كورونا"، واجراء الفحص بالاعتماد على تقنيات وأدوات وطنية، خاصة بعدما تجلى امام الجميع مدى صعوبة استيراد مسحات الفحص.
ويردف: نحن نعاني أسوة بسائر الجامعات من أزمة مالية خانقة، فمنذ ثلاثة أعوام لم نتلق دينارا واحدا من الحكومة، بينما لا تغطي أقساط الطلبة أكثر من 50-60% من المصاريف التشغيلية، بالتالي فإن كافة الجامعات تعاني من ازمة.
ويزيد: الوضع المالي سيئ، ولا أحد يعرف بالضبط حجم تأثير الأزمة الحالية على معدل تحصيل الأقساط، لكن في حالة جامعتنا هناك آمر آخر مقلق بالنسبة إلينا، يكمن في أن هناك مقتدرين يقدمون كل فصل ما بين 100-110 آلاف دينار للجامعة، لكننا لا نعرف كيف سيكون الوضع اثر الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي سببتها جائحة كورونا.
ويقول: أخشى أنه في حال لم تتحرك الحكومة، وتحول مستحقات الجامعات، أن يحدث انهيار في منظومة التعليم العالي، بما يؤدي إلى اغلاق بعض الجامعات.
الوزارة: البنية التحتية متفاوتة بين الجامعات
وكان الدكتور محمود أبو مويس، وزير التعليم العالي، أعلن مؤخرا عن أن الفصل الثاني في الجامعات، سينتهي في موعده حسب التقويم الأكاديمي لكل جامعة، مضيفا: "كنا نعرف الصعوبات، وأن البنية التحتية الالكترونية بين الجامعات متفاوتة، وأن المعلمين بحاجة إلى اعداد، والطلبة بحاجة إلى تهيئة للانخراط بهذا النوع من التعليم، وأن هناك مساقات فيها عدد طلاب كبير، وأخرى عملية وسريرية لا ينطبق عليها التعليم الالكتروني، اضافة إلى مشاكل النت، وتوفر المعدات والكهرباء".
وقال في تصريحات صحافية: الجامعات بإدارتها وأساتذتها وطلابها تجاوزوا كل هذه الصعوبات، والتعليم الالكتروني يسير بشكل سهل، ويتم بمنتهى الكفاءة.
وتابع أبو مويس: وضعت الجامعات مختبرات الأحياء والبيولوجي تحت تصرف وزارة الصحة، كما دعمتها بالألبسة الواقية، وسلمت جهاز الأمن الوطني سيارة إسعاف، علاوة على مبادرات التصنيع مثل النقالة المعزولة، والحاضنة للفحص الفيروسي وبعض المواد المعقمة، مشيرا إلى جهود باحثين في الجامعات، لـ"عزل" الفيروس، ومشاركتهم في أبحاث عربية وأوروبية في اطار البحث عن علاج للوباء.
قد يهمك أيضا :
عمان تطبق نظام التعليم الإلكتروني لإنهاء إيفاد الموظفين للدراسة
"استخدام نظام التعليم الإلكتروني وادارته" دورة تدريبية في جامعة الزيتونة الأردنية
أرسل تعليقك