أطلقت جامعة القدس، اليوم الاثنين، "أكاديمية القدس للعدل الدولي" كمعهد متخصص يهدف الى اعداد برامج اكاديمية وتدريبية في مجال التقاضي امام المحاكم المختصة بالقانون الجنائي الدولي وانتهاكات حقوق الانسان، وذلك تحت رعاية رئيس دولة فلسطين محمود عباس.
وستتخذ الاكاديمية من مرافق الجامعة في البلدة القديمة مقرا لها، والتي قامت جامعة القدس بتأسيسها بالتعاون مع القاضي لويس مورينو اوكامبو، مدعي عام محكمة الجنايات الدولية السابق والذي سيشرف عليها بما يملك من خبرة في هذا المجال، وسيقوم هو شخصيا وبالتعاون مع مجموعة من الخبراء الدوليين باعداد المناهج التدريبية والتدريسية برفقته والتي سيقوم هو بتدريس جزء منها.
وحضر الحفل مجموعة السفراء والقناصل والمبعوثين الدبلوماسيين لدى فلسطين، إضافة الى مجموعة من القيادات الوطنية الفلسطينية.
وأكد وزير العدل علي أبو دياك في كلمته ممثلا عن سيادة الرئيس محمود عباس أن قرار جامعة القدس إطلاق أكاديمية القدس للعدالة الدولية من القدس عاصمة دولة فلسطين، وموافقة القاضي الدولي لويس أوكامبو على ترؤسِ هذه الأكاديمية، يحمل في طياته دلالات ساطعة بأن العدالة الدولية لن تجدَ صداها في أي مكان في العالم، إن لم تجد مكاناً لها في فلسطين، وأن مبـادئ الحـق والعـدل والقـانون لـن تتحقق إلا بمساءلـة ومحـاكمـة المحتــل وإنـهاء الاحتـلال، وأن شعوب الأرض لن تتعامل بجدية ومصداقية مع منظومة العدالةِ الدولية ما دام هناك احتلال استيطاني جاثم على أرض فلسطين دون حساب أو عقاب.
وبارك وزير العدل، إطلاق أكاديمية القدس للعدالة الدولية من جامعة القدس بهذا الصّرحِ العلمي الأكاديمي الراسخ في الأرض كالصخور، الشامخ في السماء شموخ الأقصى والقيامة وجبل المكبر وجبل الطور، مثمنا كافة الجهود الوطنية التي تبذلُها جامعة القدس برئاستِها وإدارتِها وطواقِمها وهيئتِها التدريسية، ومؤكدا مواصلة دعم المؤسسات الوطنية المقدسية، ودعم وتعزيز صمود المقدسيين، ولن نتخلى عن التزامنا وواجبِنا الوطني المقدس في الدفاع عن القدسِ الشريف رمز العروبةِ وبوابةِ الأرضِ إلى السماء، والعاصمة الأبدية لدولة فلسطين.
وأوضح أن افتتاح أكاديمية القدس للعدالة الدولية، يأتي في ظل هذه المرحلةِ المصيرية، والهجمةِ الاستعمارية الاستيطانية التي تتعرضُ لها القدس، ووقوفِ شعبنا في مواجهةِ إعلان ترمب، الذي خلق أزمةً سياسيةً دينيةً قانونية، حيث شكل اعتداءً صارخاً على حقوقِ شعبنا التاريخية وعلى المقدسات الإسلامية والمسيحية، وأخرج الإدارةَ الأميركية من موقع الوسيط في عملية السلام إلى موقع الشريك لإسرائيل في الاحتلالِ والاستيطان، واستباحَ القانون الدولي وقراراتِ مجلس الأمن والجمعيةِ العامة، وأفرغ قراراتِ الشرعية الدولية من مضمونِها القانوني وقوتِها الإلزامية، وقضى ببراءة إسرائيل من دمنا ومن احتلال أرضنا، واستبدلَ قانون محاسبة ومحاكمة الاحتلال بقانونِ مكافأةِ الاحتلال.
وأردف أن "اكاديمية القدس للعدالة الدولية"، التي ستتخذُ من فرع الجامعة في البلدة القديمة في القدس مقراً لإدارتها، ستكونُ شاهداً حياً على ما تتعرضُ له القدس من استهدافٍ لتهويدِها وأسرلتِها ونزع هويتها العربية وعزلِها عن محيطِها وعن تاريخِها وتراثِها وبيئتِها الفلسطينية، وستكون شاهداً ميدانياً لتوثيق الجرائم التي ترتكبُها إسرائيل بحق شعبنِا وأرضِنا ومقدساتِنا من جرائم حرب وجرائم عدوان وجرائم ضد الإنسانية، والتي تدخلُ في اختصاص المحكمةِ الجنائيةِ الدولية، نرحب بك سيادةَ القاضي أوكامبو في رحابِ هذه الجامعة الصامدة على مشارفِ القدس، ونأملُ لك التوفيق والنجاح في تصميمِ وإعدادِ وتدريسِ مناهج منظومة العدالة الدولية، ولكنك لن تجدَ في فلسطين إلا مشهدين، مشهدَ احتلال استيطانيٍ إسرائيليْ يرتكبُ كلّ ما جرمتهُ منظومةُ العدالة الدولية، ويهددُ السلمَ والأمنَ الدولي، ومشهدَ شعبٍ صامدٍ منذ سبعين عاماً يعاني من الاحتلالِ وجرائمهِ العدوانية، ويناضلُ من أجلِ الحقِ والعدلِ والحرية، وينتظرُ تطبيقَ قواعدِ الشرعيةِ الدولية وأحكامِ العدالةِ الدولية.
ودعا في ختام كلمته منظمة الأمم المتحدة لتنفيذ قراراتِها والتزاماتِها لإجبار إسرائيل على إنهاءِ الاحتلال والاستيطان، ووقفِ انتهاكاتها للقوانين والاتفاقيات والمواثيق الدولية والشرائع السماوية، وتهديد السلمِ والأمن الدولي، وتأمينِ حمايةٍ دولية لشعبنا ومقدساتنا، وقبولِ فلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، ودعا المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة القادة والمسؤولين وكافة الإسرائيليين مرتكبي جرائم الحرب وجرائم العدوان والجرائم ضد الإنسانية، ونطالبُ المجتمع الدولي وكافة دول العالم الحر بالاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية على أساس الشرعية الدولية وحل الدولتين.
وقال وزير العدل: "ولمن لا يعرفون شعب فلسطين، لمن يجهدون أنفسهم في البحث عن بديل فلسطيني يفرط في الأرض، ويقبل بأي صفقة خضوع واستسلام، فإننا من هنا من على مشارف أضرحة الشهداء الذين قدموا أرواحهم من أجل القدس، نقول لهم: بأن شعبنا الذي اختار الجوع دون الركوع لن يساومَ على دم الشهداء، ونؤكد للعالم أجمع بأن فلسطين ليست للتجارة أو البيع، ولن نتنازلَ عن حبة تراب في القدس الشريف، ولن نسلمَ مفاتيح الأقصى والقيامة، ولن نتراجعَ عن مسيرتنا النضالية حتى تحقيق تطلعات شعبنا وحلم أطفالنا بالحرية والاستقلال، ولن نرضى بأي حلٍ بديل عن الدولة المستقلة على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967م وعاصمتها القدس الشريف".
من جهته أشار رئيس الجامعة عماد أبو كشك الى أن هذا المعهد يهدف الى بناء وتكوين كوادر فلسطينية متخصصة من خلال برامج أكاديمية وتدريبية في مجال التقاضي الدولي أمام المحاكم الدولية المختصة بالقانون الجنائي الدولي، وانتهاكات حقوق الإنسان، وجرائم الحرب، والجرائم ضد الانسانية، والإبادة الجماعية، وجرائم العدوان وغيرها من الجرائم وفقاً لقانون روما للمحكمة الجنائية الدولية .
وأضاف يأتي تأسيس هذا المعهد، في إطار المبادرات التي تقودها جامعة القدس على مختلف الأصعدة للمساهمة في بناء القدرات الذاتية في المجالات الحيوية التي تهم مجتمعنا الفلسطيني، شاكرا الرئيس محمود عباس على دعمه ووقوفه الى جانب جامعة القدس على مختلف الاصعدة، كدعمه اليوم لهذه المبادرة الخلاقة، التي تهدف الى المساهمة في بناء القدرات الذاتية للدارسين والعاملين في مجال المحاماة والقضاء في فلسطين، واستقطاب الدارسين عربياً وإقليمياً ودولياً للقدوم الى فلسطين للإلتحاق في البرامج الأكاديمية والتدريبية، ودورات التعليم المستمر في المجال القانون التي يقدمها هذا المعهد .
من جهته قال رئيس المحكمة العليا رئيس مجلس القضاء الأعلى المستشار عماد سليم، إن هذه الاكاديمية ستعمل على تطوير القدرات والمهارات حول القضايا المرفوعة ضد الاحتلال في محكمة الجنايات الدولية من خلال التدريب والتأهيل والتطوير في المجال القانوني، وهذا يؤدي بالنتيجة إلى اكتساب قوه قانوينة في الدفاع والمطالبة بحقوق شعبنا.
من جانبه قدم النائب العام المستشار أحمد براك صورة عن الواقع الجنائي في فلسطين والتحديات التي تواجه العدالة الجنائية، والآفاق المستقبلية في ظل الوضع الفلسطيني الراهن، والمستجدات في نظام العدالة الجنائية.
وأكد أوكامبو أهمية هذه الاكاديمية، والتي ستعزز من بناء القدرات الفلسطينية في مجال التقاضي أمام المحاكم الدولية، وبالأخص محكمة الجنايات الدولية، موضحا الآليات والجهد الذي سيبذله في إطار هذا المعهد لتعزيز القدرات القانونية الفلسطينية في هذا المجال.
وقال "تمثل فلسطين تحديا كبيرا على مستوى العالم، واذا كنا نريد بناء نظام قانوني لتقديم الحماية لكل مكان في العالم فان علينا القدوم الى فلسطين لفهم الواقع لان فلسطين في صدارة الأمر".
وأوضح أن اكاديمية العدل الدولية يمكنها مساعدة الناس من خارج فلسطين على فهم حقيقة الواقع الفلسطيني، وخاصة اذا قدموا للدراسة فيها، وكذلك من خلال ما يمكن أن يقترحوه لحل القضية الفلسطينية.
وتابع" محكمة الجنايات الدولية مهمة، ولكنها ليست الجهة الوحيدة، وعلى الفلسطينيين مواصلة النهج السلمي للوصول الى حقوقهم".
وتابع أوكامبو، إن سعي الفلسطينيين للاستقلال الذي يقوده الرئيس أبو مازن يتشابه تماما مع النضال الذي قاده غاندي ضد الاستعمار، ومانديلا ضد الابارتهايد، والذي قاد الى تحرر تلك الشعوب، وستقود حتما الى تحقيق الشعب الفلسطيني لطموحاته، مشيدا بالأداء الدبلوماسي والقانوني الذي يقوده الرئيس عباس في مواجه الاضطهاد الذي يتعرض اليه شعبنا.
كما أشاد اوكامبو بالمستوى الأكاديمي لجامعة القدس، مشيرا الى أنها تملك من الامكانيات الاستثنائية ما يمكنها من ان تكون حاضنة علمية دولية تستقطب الطلبة والباحثين من شتى بقاع الأرض.
وتعد هذه الاكاديمية الأولى من نوعها في الشرق الأوسط في مجال بناء القدرات في القضايا الجنائية، حيث ستركز هذه الاكاديمة على الجرائم المنصوص عليها في ميثاق روما، بالاضافة الى مجموعة من المساقات الاكاديمية والبرامج التدريبية التي سيشرف عليها اوكامبو بما يملك من خبرة في هذا المجال
أرسل تعليقك