كانت رغبتها بقراءة القرآن الكريم، حافزا نحو الالتحاق ببرنامج التعليم غير النظامي –محو الأمية-، فرغم عمرها الذي قارب الثمانين، إلا أنها تجاوزت كافة العقبات للتعلم، ليتوج هدفها بشهادة معتمدة من وزارة التربية والتعليم.
إنها الحاجة فاطمة أحمد سعيد مجاذبة من بلدة علار شمال طولكرم، أكبر الملتحقين سنا بالبرنامج منذ عامين، تمكنت من النجاح في الامتحان النهائي، فنالت شهادتها التي توازي الصف السادس الأساسي.
البداية كما روتها الحاجة مجاذبة لمراسلة "وفا"، كانت منذ فترة طويلة، تمنت لو أنها أكملت دراستها، لكن الظروف في السنوات الطوال الماضية لم تكن تسمح للفتاة بإكمال تعليمها، مشيرة إلى أن الحزن كان ينتابها عندما تريد أن تقرأ القرآن الكريم، فلم تكن حافظة له أو قارئة.
وأضافت أنها تطلب من أولادها أو زوجاتهم أن يقرأوا لها سورة الواقعة، ومرة تلو المرة تمكنت من حفظها غيبا من خلال السمع.
وقالت، كنت أتألم لأنني لا أعرف قراءة القرآن الكريم، إلى أن وصلنا خبر افتتاح التربية والتعليم لبرنامج محو الأمية في البلدة، فسارع أولادي بتسجيلي، فالتحقت به وتعلمت القراءة والكتابة، والأهم قراءة سور القرآن الكريم، فأصبحت أتنقل بين صفحاته فحفظت غيبا وحاضرا سور: ياسين، والملك، والرحمن، والتغابن، وغيرها من السور.
طموح الحاجة مجاذبة لم يقف عند هذا المستوى بل لديها الرغبة في إكمال تعليمها في البرامج القادمة، قائلة ما دمت بصحتي وعافيتي سأواصل التعلم، ولم تنسَ شكر كل من ساعدها بالتعليم وساندها من أولادها ومعلماتها ومن حولها.
بدورها أشادت المربية فضة بدران، إحدى المشرفات على البرنامج، بالمستوى الذي وصلت إليه الحاجة مجاذبة وتجاوبها بنسبة 100% مع هذا البرنامج، مشيرة إلى أنها تتمتع بقوة استيعاب وذاكره قوية رغم كبر سنها خاصة في مادة الرياضيات، وإبداعها في الضرب والقسمة، كما أنها تعلمت الحروف خلال حصة وحصتين، فكانت تسابقنا في الإجابة.
وكرمت مديرية التربية والتعليم اليوم الأربعاء، الحاجة مجاذبة إلى جانب كوكبة من الخريجين من برنامج التعليم غير النظامي الذين اجتازوا امتحان "محو الأمية وتعليم الكبار، والتعليم الموازي".
وأعربت مديرة التربية والتعليم في المحافظة نائلة عودة عن سعادتها بتحقيق هدف مجاذبة في التعلم لقراءة أعظم كتاب على وجه الأرض وهو القرآن الكريم، وهو بذلك تشريف لها من رب العالمين الذي كتب لها التعلم في هذا العمر، مشيرة إلى أن التعلم لا يقف عند عمر معين، بل هو حق للجميع ومدى الحياة.
ورحبت عودة بالخريجين، البالغ عددهم 25 طالبا وطالبة من عمر 16 إلى 60، ووصفتهم بأنهم قصص نجاح تدل على إصرارهم وتحديهم للظروف الصعبة التي يعيشونها.
وثمنت الجهود التي تبذلها وزارة التربية والتعليم العالي من أجل تنفيذ هذه البرامج التربوية الهادفة من خلال الإدارة العامة للتعليم العام، التي ترمي إلى إكساب المهارات والمعارف لمن حالت الظروف دون إكمالهم التعليم على مقاعد الدراسة، حيث يسهم إسهاما كبيرا في إيجاد مجتمع متعلم ومثقف قادر على مواجهة التحديات.
وأضافت عودة، إن التعليم غير النظامي هو من الخطط التعليمية التي تنفذها وزارة التربية والتعليم العالي لفئة الأطفال والشباب والكبار "خارج المدرسة"، في إطار تلبية الاحتياجات الأساسية للتعلم.
وقالت رئيسة قسم التعليم العام هالة عزوني، إن الظروف الاقتصادية والسياسية التي تمر بها بلادنا، أدت إلى ظهور فئات جديدة من المتسربين من المدارس، لهذا بدأ التخطيط والتحضير لهذا البرنامج عام 2002.
وأضافت عزوني ان مدة الدراسة في البرنامج سنتان متتاليتان موزعة على أربعة فصول دراسية، لكل فصل 5 أشهر بواقع 20 أسبوعا دراسيا أي ما يعادل 120 حصة فصلية يتم تنفيذها بواقع يومين أسبوعيا وثلاث حصص يوميا وبمدة 45 دقيقة للحصة الواحدة.
وأعرب الخريجون عن سعادتهم بما تم تحقيقه خلال فترة دراستهم واكتسابهم للمعارف والمهارات التي تمكنهم من مواجهة تحديات الحياة، وثمنوا جهود وزارة التربية والتعليم العالي في هذا المجال.
أرسل تعليقك