غزة – صوت الإمارات
من يوجد في شارع المشاهرة في حي التفاح، شرق مدينة غزة، تستوقفه حكاية فريدة من نوعها، لشاب فلسطيني أبهر عائلته والجميع من حوله، فحرمان الشاب رائد الريفي (35 عامًا) من نعمة البصر، لم يمنعه من مواصلة عمله داخل ورشة لصيانة السيارات، التي تعد مصدر الدخل الوحيد لأسرته المكونة من ثمانية أفراد.
وفي عام 2011 أصبح الريفي كفيفًا إثر تعرضه لجلطة في شرايين العين، وقد كان بإمكانه استعطاف الآخرين، ومد يده إلى المؤسسات الإغاثية لمساعدته، إلا أنه استغنى عن ذلك، مصرًا على مواجهة واقعه الصعب.
ويقول رائد، وهو يمسك مفكًا لتصليح عطل في غطاء السيارة الأمامي: "بعد عام من إصابتي بدأت أتأقلم مع حالتي، متسلحًا بعزيمة قوية للعودة إلى العمل في ورشة السيارات، لأعيل أسرتي، وأؤمن لأطفالي حياة كريمة، لأنه لا يوجد أقسى من شعور العجز عن توفير لقمة العيش، وهذا ما رفضت مجرد التفكير فيه".
ورغم محاولات عائلة رائد وأقاربه لثنيه عن العمل داخل الورشة، حرصًا على سلامته، إلا أنه نجح في مزاولة عمله بهمة ونشاط وكأنه مبصر، ليواصل إصلاح السيارات.
ومهنة "سمكرة السيارات"، كما يطلق عليها في غزة، تحتاج إلى دقة كبيرة أثناء العمل، وتعتمد على استخدام آلات حادة وخطرة لإصلاح الأعطال في السيارة، وهذا يتقنه الريفي على الرغم من فقدانه البصر، واختلاف ظروف العمل عليه بعد الإصابة.
ويبين الريفي "إن تصليح السيارات يتطلب مهارة وخبرة، لكنني لم أستسلم لأنه مصدر الدخل الوحيد لي ولأسرتي، لذا أعتمد على بصيرتي وليس بصري، وأمتلك قدرة كبيرة على التعرف إلى مكان العطل من خلال اللمس بيدي".
وعلى الرغم من الجهد الذي يبذله إلا أنه يتمتع بروح عالية، والابتسامة لا تفارق وجهه، مُخفية أوجاعه التي يتكبدها بفعل فقدانه للبصر.
ويقول رائد بثقة عالية "إن الكثير ممن يلقون نظرة عابرة على ورشتي لا يصدقون أنني أصلح السيارات وأعدلها، لأنني كفيف البصر، ولكن في داخلي أشعر بسعادة كبيرة بفعل عزيمة القوية لإصلاح كل أنواع السيارات، وتحديدًا الحديثة منها".
أرسل تعليقك