لندن- فلسطين اليوم
يوجد عدد كبير من السائقين يفعلون الكثير من الأشياء الغريبة والمرفوضة (القطع، البطء الشديد، السرعة الكبيرة، عدم استخدام الإشارات، الفرملة بطريقة متقطعة، رفض الإفساح للوصول إلى الحارة المرادة، وصولًا إلى سرقة أماكن وقوف السيارات...). هناك بالتأكيد عوامل ظرفية لا تُعد ولا تُحصى لتفسير ما يتم، لكنها جميعًا لا تبرر القيادة السيئة، كما أن عدم تقبل هذه العوامل الظرفية المحتملة من الآخرين تحيز شائع جدًا؛ يسميه العلماء «خطأ الإسناد الأساسي»، وهو يحدث في سياقات لا حصر لها، لكنه محتمل بنسبة كبيرة أثناء القيادة لعدة أسباب:
- ارتفاع وتيرة الغضب: الشكاوى الشائعة في هذا الشأن تجعلنا غاضبين أثناء القيادة، وفي بعض الحالات نشعر بأننا منعنا من الوصول إلى مكان ما، ومن ثم الوقوف بيننا وبين الأهداف، وما يؤديه ذلك من شعور بالإحباط والعدوان والغضب، وفقًا للباحثين هو في الأساس إسناد اللوم، ونحن عادة لا نلوم أنفسنا.
- الازدحام المروري: عندما تصبح حركة المرور أثقل، مثل ساعة الذروة أو التسوق في العطلات أو سوء الأحوال الجوية، فهذا شكل من أشكال الازدحام، وهذه الحشود لا تمنع فقط هدفنا المتمثل في الوصول إلى مكان ما بل يمكن أن تزيد من الإثارة الفسيولوجية ومستوى الإجهاد، وكذلك الإحباط والغضب.
- عدم الكشف عن الهوية: خلال قيادة السيارة يمكننا إهانة السائق الآخر دون أن يسمع أو يرى، وأيًا كان هذا الشخص الآخر فهو لا يعرف من نحن، بينما في ظل ظروف الكشف عن الهوية، يميل الناس إلى أن يكونوا أكثر اعتدالًا، والعكس صحيح.
- انعدام المساءلة: جزء من قوة عدم الكشف عن الهوية هو عدم المساءلة، لكن إذا كنا وحدنا في سيارة فالموضوع يختلف، فالقيادة مع الركاب أسهل بكثير.
- حدود التواصل عبر السيارة: حتى إذا كنت ترغب في تحميل نفسك المسئولية وتبرير حكمك للسائق الآخر لن تستطيع، وبالمثل لا يستطيع السائق الآخر شرح موقفه لك حتى إذا كنت تعرف لغة الإشارة، فربما يكون اللقاء قصيرًا جدًا؛ لاستخدامه في نزاع وجهًا لوجه، من ناحية أخرى يمكن للشخص الذي تغضبه أن يقاطع أو يمكن أن يعتذر ويظهر أنه لائق.
- تشتت الاهتمام: تظهر الأبحاث أن زيادة الحمل المعرفي مع الأنشطة غير الأساسية، مثل استخدام الراديو والمحمول والأكل والنظافة الشخصية والمحادثات مع الركاب، كل ذلك يؤثر في أحكامك.
- فوق المتوسط تأثير: يعتقد معظمنا خاصة الشباب أننا أفضل من المعدل في القيادة، لكن نصفنا فقط يمكن أن يكون فعلًا فوق المتوسط، ويكون لدى الشباب في الواقع معدلات حوادث أعلى، ولعل هذا التحيز هو طريقة صحية أخرى لرؤية أنفسنا، لسوء الحظ فإن مثل هذا الرأي الذاتي السخي يجعلنا مستثارين بشكل أكبر، وكما لاحظ الممثل الكوميدي جورج كارلين فإن أي شخص يقود سيارتك أبطأ منك هو أحمق، وأي شخص يسير بشكل أسرع منك مهووس!
وبشكل عام يحمل التحيز بين الأشخاص نتائج سلبية، وعلى الطريق يمكن أن تكون العواقب أكثر حدة، بما في ذلك الغضب والحوادث القاتلة، فالغضب هو مؤشر معروف للقيادة العدوانية والحوادث.
وبالتأكيد هناك طرق لتحسين هذا الوضع، وبصرف النظر عن الأساليب العامة للحد من الغضب، مثل: العد، محاولة تخيل السائق الآخر التفكير في أي سبب محتمل، فعلى الرغم من أن القيادة لا تسمح بالكثير من القدرات المعرفية الإضافية، فإنه لا يزال بإمكاننا محاولة النظر في هذه الطريقة، ومن ثم محاولة التماس بعض العذر.
وإذا كنت متأكدًا من أنك لن تفعل شيئًا، مثل هذا التصرف الأحمق، فحاول أن تتخيل شخصًا آخر تكون حياته أسوأ من حياتك، حتى وإن كان لا يمكن لحياة أكثر صعوبة أن تبرر السلوك المتهور، على الأقل حاول تأجيل حكمك على السائق الآخر حتى تصل إلى وجهتك، فهذا التأجيل يمكن أن ينقذ الأرواح.
قد يهمك ايضا :
أرسل تعليقك