الكويت - أ ش أ
أقام المكتب الثقافي المصري بالكويت أمسية ثقافية لمناقشة كتاب "رماد الروضة" للكاتبة الكويتية إقبال العثيمين والصادر عن دار العين المصرية، ضمن ديوان القراءة الذى يعقده المكتب تحت رعاية السفير المصري بالكويت عبد الكريم سليمان.
وفى بداية الأمسية رحب الدكتور نبيل بهجت، الملحق الثقافي المصري، بالدكتورة إقبال العثيمين، وأعرب عن سعادته بإقامة الأمسية لمناقشة كتاب أهميته تأتي من قدرته على صناعة الأمل، وعلى بث مفهوم المقاومة من خلال البحث عن المسرات الصغيرة وهي مفاتيح الأمل لأي شعب يريد أن يقاوم ويصنع المستقبل.
ثم عرض الكاتب إبراهيم فرغلي الكتاب والذي يعتبر بمثابة شهادة إضافية لمن عاصروا فترة غزو الكويت، من أبناء الكويت، والتي أتصور أن أغلبها لم تسلط عليه الأضواء، وربما لأن غالبية الكويتيين يريدون نسيان هذه الفترة المؤلمة من تاريخ الكويت.
ولكن يرى فرغلي أن الكتاب يؤكد وعي الدكتورة إقبال العثيمين بأن استدعاء الألم مفيد أحيانا من أجل تطهير الجروح وعلاج تداعياتها على نحو أو آخر. والنبش في صور يريد أن يتناساها الكثيرون ويعتبرونها صورا حرقت وانتهت رمادا، بينما ترى د. إقبال أن أسفل الرماد هناك بقايا من أشياء ثمينة لم تقض عليها النار تماما.
تبدأ العثيمين كتابها بالكيفية التي تلقت بها الخبر المفزع لاجتياح القوات العراقية الكويت حين أيقظتها الفتاة الفلبينية بروكسي، من حلم غريب، وفي توقيت لم يكن مسموحا للفتاة أن توقظها فيه، باعتباره يوم الإجازة، بسبب إصرار شقيق إقبال؛ سليمان، أن يبلغها أمرا خطيرا على الهاتف.. ثم تدخل بنا إلى الأجواء الكابوسية الأولى التي عايشها أهل الكويت حتى تأكدوا من صدق ما يحدث حولهم من مظاهر لا تدل سوى على أن الكويت بالفعل تعرضت لاجتياح عسكري على يد قوات صدام حسين.
تشير العثيمين، في واحد من فصول الكتاب، إلى ألمها الشخصي، الذي يعبر عن ألم غالبية الكويتيين من الموقف الذي اتخذته بعض الدول في مساندة صدام حسين، وبشكل خاص ما يتعلق بالفلسطينيين. فقد كانت الكويت تعتبر نفسها، شعبا وحكومة وطنا ثانيا للفلسطينيين، لذلك كان الموقف الفلسطيني بمثابة ضربة قاضية للكويتيين، في قناعاتهم عن القضية الفلسطينية من جهة، وفي قدرتهم على الثقة في أي أحد لاحقا.
كما تتوقف الكاتبة عند موقف المقاومة المسلحة الكويتية التي ترى أنها لم تكن حلا واقعيا، بسبب عدم التكافؤ بين قوتين إحداهما مدججة بالسلاح والأخرى هي بوصف العثيمين "شعب أعزل"، وقد أبلغت بذلك يوما وفق ما تقول في آخر فصول الكتاب، للكاتب الكويتي إسماعيل فهد اسماعيل، الذي كان أحد رموز المقاومة الكويتية المسلحة، والذي استشهد أحد أشقائه في واحدة من تلك العمليات.
وترى أنها تؤمن أكثر بالمقاومة المدنية والعصيان المسلح، ربما، وقد عاشت فترة من حياتها الدراسية في الهند، بسبب يقينها في النموذج الهندي بقيادة غاندي الذي استطاع دحر الاحتلال بهذه الطريقة.
لكن وجه الاختلاف في سرد كل هذه التفاصيل تحققه العثيمين من خلال رسم صورة حية تماما لكل الأحداث، التي تبدو كأنها حدثت بالأمس، وحيث تتمتع الشخصيات فيها بطبيعتها، بما في ذلك العديد من اللقطات المرحة، من الحياة اليومية، تنقلها باللهجة الكويتية المحلية، كاشفة عن الكثير من خفة الظل والمتناقضات، ورصد لأمسيات سهر وسمر، حاول بها الكويتيون أن يتغلبوا على مخاوفهم، وربما تعبيرا عن تشبثهم بالحياة والمقاومة والأمل.
وقدمت الدكتورة إقبال العثيمين الشكر في بداية كلمتها للدكتور نبيل بهجت وللمكتب الثقافي المصري على استضافة الأمسية.
وأكدت تعقيبا على أسئلة الكاتب إبراهيم فرغلي التي اختتم بها ورقته أنها كانت خلال فترة الغزو قد بدأت بالفعل في تدوين يوميات ما يحدث لها وما تعايشه يوما بيوم، ولفترة امتدت لأكثر من شهر، لكنها بسبب مخاطر اقتحام المنازل من قبل القوات العراقية، التي كانت قد داهمت عددا من البيوت استجابت لنصائح المقربين منها بضرورة التخلص من تلك الأوراق وتمزيقها، وهو ما رضخت له في النهاية.
وقالت إنها ظلت لسنوات طويلة وذاكرتها تطاردها بالوقائع والمشاهد التي مرت بها خلال تلك الفترة، وأنها قررت في لحظة أن تفرغ هذه الذكريات على الورق، وحين شرعت في الكتابة جاءت على النحو الذي خرجت به وهو ما تعتبره لونا من الأوتوبيوجرافي أو المذكرات وإن اتخذت طابع السرد.
أرسل تعليقك